شاكي:
وعلي كلٍ الإختيارات والثنائيّة هي [فقط ] من واقع البيئة والمكتسبات الماديّة التي نكتسبها منذ الطفولة
هذا
جيد أن تعترف بوجود الاختيارات و الثنائيات في حياتنا, وهذا يحتم ان ترفض فكرة
الجبرية الدائمة التي يرددها اللادينيون والملاحدة , انت تعترف بالاختيارات و
الثنائية ثم تعيدها إلى الظروف المادية, وهذا غير صحيح, فنحن نختار بين مادي ومعنوي,
وليس دائما بين مادي ومادي, ألسنا نقول : هل أرحمه أم أطبق النظام عليه؟ تطبيق
النظام مادي والرحمة معنوي.
شاكي:
ـ تماماً كالمنطق ، فالمنطقي هو ما ينشأ عليه الفرد ، قم بتربية طفل ما منذ صغره علي انه يمكن ان يوجد الشيئ في مكانين مختلفين في آنٍ واحد ، وستجده في كبره لا يجد اي غرابة أو عدم منطقيّة إطلاقاً دام انه في بيئة تعتبر هذا منطقي.
أنت الآن كسرت المنطق من ظهره ! كيف سيصدق هذا الطفل خصوصا
بعد ان يكبر بهذه الفكرة وهو لم يرى لها ولا تطبيق واحد؟ أخطأت في تأريخ المنطق
وظلمته, أنت الآن تتكلم عن العادات والتقاليد والمفاهيم المحلية ولا تتكلم عن
المنطق. المنطق مشترك, المنطق حقيقة, المنطق علمي ومجرب ويجري تجريبه كل يوم.
المنطق أكثر تجريبا من العلم وهو رصيد البشرية وأعظم منجزاتها على الإطلاق, مع
أنها لم تصنعه بل استقرأته من الطبيعة, فكون الأول قبل الثاني حقيقة لا يمكن أن
تتغير ولا تحتاج إلى تجريب لأنها تحصيل حاصل, و كون الجزء داخل في الكل حقيقة لا
يمكن أن تتغير ولا تحتاج إلى تجريب.
المنطق
هو المعرفة القياسية التي يقاس عليها غيرها, المنطق هو رمز للحقيقة متفق عليه
اختصارا للتجريب, مثلما الأسماء في اللغة رموز لأشياء بدلا من إحضارها ورسمها أو
تصويرها, فتكفي كلمة أسد من أحضر ذلك الحيوان أو أرسمه أو أصوره, كذلك المنطق رمز
للتجربة, فأقول: الفرع يأخذ حكم الأصل, بدلا من أن أجري تجربة فأقطع أصل الشجرة
لأنظر كيف يتاثر فرعها! إن المنطق مبتكر اختزالي علمي رائع يسرّع عملية التفكير,
مثلما اللغة ايضا رموز اختزالية تسرع عملية التفكير والتواصل.
والفرق
بين المنطق واللغة أن المنطق يتعلق بالمعلومات القياسية التي يقاس عليها غيرها,
فالجنوب عكس الشمال والشرق عكس الغرب والأربعة تشكل الجهات الأربعة وهي تصلح
لتحديد أي مكان. بينما اللغة تقدم رموزا لذوات, إذن فالمنطق + المفردات اللغوية = كلاما مفهوما,
فكلمة البركة و البط غير مفهوم العلاقة بينهما إلا بروابط منطقية مثل : يسبح البط
في البركة, فالفعل والحرف روابط وعلاقات منطقية بين الاسماء, والنحو يبحث في
العلاقات المنطقية في اللغة.
الملاحدة
يعتبرون المنطق شأنا نظريا لا علاقة له بالعلم, وربما اعتبروه من عالم الأدب وليس
من عالم العلم لأنهم ينسبونه للبيئة والتربية, وهذه مغالطة تدل على عدم فهم العلم
نفسه! ما هي الرياضيات ؟ إنها منطق, فـ 1+1=2 هي حقيقة علمية وحقيقة منطقية بنفس
الوقت, المنطق هو علم من شدة علميته تحول إلى أفكار لا تحتاج إلى تجريب, و كلما
رسخ العلم تحول إلى منطق, إما على شكل معلومات خاصة أو معلومات قياسية, ومجموعها مع
اللغة أسميه العقل, فالاستخفاف بالعقل هو استخفاف بالعلم, قد لا يعرف بعض الملاحدة
أنهم يفعلون ذلك.
ما دام
المنطق هو الحقيقة فالحقيقة واحدة, أنا لا أتكلم عن المنطق الخاطئ أنا أتكلم عن
المنطق الثابت, الذي يثبته الواقع والتفكير السليم وإعادة التجريب ولا يتصادم مع
الحقائق المنطقية الأخرى حتى أنه صار في كل عقل, فالتجربة لا تسمح بوجود شيء واحد
في مكانين في نفس الوقت, دعك ممن صدق بهذا فسوف يرفضه المنطق العام, مثل من يصدق
بأن يحدث شيء بلا سبب ومن لا شيء, سوف يرفضه المنطق العام, وهذا على فكرة هو منطق
الإلحاد غير المجرب المخالف للمنطق العام المجرب, فشخص يقول أن اللون البرتقالي
درجة من اللون الأسود وليس الرمادي فإن الواقع سيخالفه, والتجربة ستخالفه, و التواتر
عند الناس سيخالفه, وبقية منطق الألوان سيخالفه, وإذا أصر على رايه سيقال له :
فلنجرب ، حينها يسقط منطقه الخاطئ ويعود إلى المنطق العام الثابت الذي هو معرفة
البشرية الأساسية, وإن اصر فسيقال له : انت غير علمي وغير منطقي .
دائما
المنطق الثابت يصحح المنطق غير الثابت. وتهوين شان المنطق أمر معروف عند الملاحدة
مع أنهم يدعون العقلانية! إنهم يحبون تطبيق المنطق على وجود الله فقط لكن لا
يطبقونه على وجودهم , إنهم يكبرون المنطق لدرجة القفز به لنطاق الألوهية حينما
يقولون: كيف يختبر الله الناس وهو يعرف كل شيء؟ ويطالبون بالالتزام بالمنطق حينها,
لكن إذا قلنا لهم هل يوجد مصنوع بلا صانع هونوا من شأن المنطق الآن وسخروا من فكرة
البعرة تدل على البعير والاثر يدل على المسير! وقالوا أن هذا من خرافات الصحراء مع
أنه أصل المنطق والعلم كله : الاقرار بالسببية, والبحث عنها.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق