الخميس، 14 يونيو 2012

حوار شاكي (2-2)



وأخيراً ليس من المنطقي أن تبني استنتاجاً علي جهل مسبق ، فتقول لا أعرف مالذي أتي بنا في هذه الحياة ، [إذن] الله خلقنا ، ويختبرنا ، ليقيم علينا الحجّة :-P
وبالمناسبة اعرف نفسك قبل أن تعرف الإله هذه لا تنطبق عليّ ، بل عليك أنت الذي أتي ليحدثني عن الالهة والإختبارات الإلهيّة وهو لا يعرف شيئاً ؟
لا تبني استنتاجاً أكبر مم تملك من بيانات ومعلومات ، وتدعي وتفرض وجود شيئاً أكبر من إدراكك ، ويعارض المنطق ، لو كان الامر هكذا ، فالذي اوجدنا هو وحش الاسباجتي الطائر ولا شك في ذلك .


يبدو انك تتكلم عن نفسك ، فنسبته لي ! لا يهم ..

انت تقول أن كلامي غير منطقي ، اثبت عدم منطقيته و قدم البديل المنطقي له ، هذا خير لك من الهياج العاطفي الوثني الغير مفيد .. انت تقول : لا توجد اختبارات ، و هذا الواقع امامنا يقدم امثلته ، و تقول : لا توجد ثنائية ، اثبت العكس ، والواقع امامك .. أنت لم تستطع هدم هذا عقليا ، لهذا لجأت إلى العواطف علها تنقذك ..

انا اثبت لك ان الاله لا يمكن ان يعرف منطقيا (بالكامل) ، وانت تصر على انه يجب ان يعرف (بالكامل) (وبالمنطق البشري) رغما عنه وعن المنطق !!! قدم خلفية فلسفية لكلامك ، قدم صورة اله تخترعها انت غير اسباجتيك ابو بطيخ هذا .. قدم صورة مثالية لاله حتى نقارنها بصورة اله القرآن ، حتى تكون علميا و منطقيا كما تحب ان توصف .. انت لم تفعل كل هذا ، ويبدو انك ممن يكرهون الفلسفة اصلا ويبشرون بموتها . كل ما قدمته هو ليس الا ما تحب ان يكون ، و ليس ما هو كائن منطقيا ولا واقعيا ، مستعينا ببعض العواطف الالحادية ، لكن العواطف لا تساوي شيئا امام العقل و المنطق ، فالمنطق يرد بمنطق ، لا يـُرد بتسخيف وتهميش .. فهل اذا قلت عن شيء انه سخيف ، صار بطريقة اوتوماتيكية سخيفا ؟ إلا إذا كنت الها كما يظهر ، فتقول للشيء كن فيكون ، كأنك تقول : كن سخيفا ، ترى الوجود سخيفا بعد ان قلتها !!

لعلك لاحظت كيف انك خرجت عن الموضوع كثيرا ، فإذا اردت ان تعيد النظر مرة اخرى في الموضوع ، حينها سأستفيد منك عندما تناقش الموضوع بل الموضوعات التي في الحوار بطريقة منطقية ومليئة بالشواهد ، بدلا من عبارات التسخيف والتهميش والاسفاف .. و سيكون عملا جيدا تقوم به ..  


الورّاق كتب:
انت تريد ان تسأل الاله عن كل شيء ، و لماذا هو إله ، و لماذا يخلق كونا بهذه السعة ، و ما فائدة خلقه للحشرات و و إلخ .. اسئلة الهية يقدمها العقل الملحد و اللاديني .. نحن نريد اسئلة بشرية تتعلق بواقعنا وحياتنا ومصيرنا ..
تذكر اننا لا نعرف شيئا تمام المعرفة .. نحن بشر ضعفاء نعيش مدة قصيرة ثم نخرج من قاعة امتحانات الحياة ليأتي دور غيرنا ، و لسنا بآلهة ، إلا أن تكون انت الها و نحن لا ندري ! اذن عليك ان تخبرنا بكل شيء ان كنت الها .. و حينها لن تكون الها ! ستكون من احد الاصدقاء .. 

غريب الطفل يسأل الاب ، حيث أن الطفل لا يعرف شيئاً سوي أن الاب هو الذي أوجده ، فمن الغريب العجيب ألا أطلب إجابة علي كل تساؤل يدور بعقلي الفضولي الذي لم أختر أنا أن يكون فضوليّ ، أو أن يكون لي عقلاً اساساً ، كما لا يمكن أن اسجد واركع وأتبع كل ساذج أتي إليّ ليدعي وجود كائن خارق في السماء دون أن اطلب منه دليلاً أو بيّنة أو إجابة !
فمن يدعي انه خلق الكون ، ليخبرنا كيف ؟
ومن يدعي انه اوجدنا ، ليخبرنا لماذا ؟
ومن يدعي ان هناك هدفاً ليوضح لنا ماهو ؟
ومن يدعي الالوهيّة ، فليثبت لنا الوهيته تلك !


انت الآن لا تنطلق من نفسك ، نسيت حيرتك وعدم معرفتك وقصر حياتك ودوافعك الداخلية ، بل ونسيت عقلك نفسه ! كل هجومك منصب على الاله فقط  ، كل ما طلبته من الاله هو في الحقيقة مطلوب منك و ليس منه . لأنك أنت المحتاج إليه وليس العكس . هذه هي المشكلة الكبيرة التي وقع فيها الماديون والملاحدة في تعاملهم مع الاله منذ القدم . اعتبروه شيئا ثانويا ليسوا محتاجين اليه ، بل هو من عليه ان يثبت نفسه لهم حتى تقبله هذه الالهة الندّ . هذه هي الموبقة بحد ذاتها : موبقة التكبر دون اي اساس حقيقي ، وموبقة نسيان النفس ، وإخفاء شعور الفطرة  و كبته ، بل و خفاء الحاجة الى الله و ادعاء الاستغناء عنه ..


من في مثل هذه الحالة لن يؤمن ، لانه لا يريد اصلا ان يؤمن ، فما فائدة الادلة ؟ الادلة التي سوف تقنعه تكون لليقين والمشاهدة ، واليقين لا يحتاج إلى إيمان ، ولا مكان له ، لأنه مهما يـُقدّم من ادلة غير الرؤيا اليقينية سوف ترفضها ، لأن عندك ادلة على وجود الله و رفضتها لو رجعت الى نفسك قليلا .


اذن المسألة مسألة اختيار وليست مسألة ادلة . و ادعاء العقلانية هو ادعاء مجرد ، بدليل رفضكم للمنطق في قضايا كثيرة .. اذن انتم لا تملكون ادلة عقلية كاملة ، بل انتم تهينون العقل نفسه في مواضع كثيرة . اذن المسألة ليست إلا رغبة و اختيارا ، وكل صاحب رغبة يجد ما يسكت عقله به .

وصدق القرآن الكريم الذي اخبرنا بهذه الحالة ، حالة الرافضين للإيمان اصلا : وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15).       
الورّاق كتب: الملحد لا يناقش كينونة الانسان و لا اهداف الحياة و لا ما هو الافضل عندما يتكلم عن الدين ، و لا يقدم حتى فلسفة بديلة للحياة سوى الاباحية و العبثية ، معتمدا على اسئلته للاله ، و لا يبحث عن حل لمشكلة الوجود و هدف الحياة وغايتها .. اذن الملحد يسقط نظاما و يحل محله الفوضى ، وهذا لا يسر النفوس الطيبة و إن سر من له هوى يعصف بداخله ، معتقدا انه يحمل الجمال .. إن الفوضى ضد النظام ، و ما الجمال الا نظام متناسق .. والانسان يبحث عن الجمال .. والالحاد لا جمال فيه ، لاعتماده على الفوضى والعبثية .



الاباحية و العبثية ؟! أليست هذه أكبر هدايا الإله ؟ الحور العين اللاتي كلما ضاجعتهن -دون ملل أو كلل- عادت بكارتهن كما كانت أليست إباحيّة ونادي تعرّي وشذوذ جنسيّ لماذا لا تراها اباحيّة هل لانها مُقدّسة ؟

هل انت تتصور ان الجنّة كباريهات و دور دعارة ؟ هذا التصور غير منطقي و انت رجل عقلاني كما تحب ان توصف . اذن انت لا تفرق بين من يضاجع زوجته بالحلال ، وبين من يضاجع مومسا في دار دعارة !! ماذا نفعل لك ؟ انت تنظر الى الفعل بطريقة مادية و تجرده من روابطه .. !

في الجنة ازواج مطهرة ، لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان ، هذا تحديد من القرآن و لكنك لا تريده ، لأنه لا يوافق هواك . أما المومسات فقد طمثهن غيرهم من الانس و ربما من الجان !! الا يوجد فرق في الصورة ؟ قليلا من العقلانية التي تنادون بها ليل نهار !

على كلامك : شخص ينام مع زوجته ، نستطيع ان نصفه بالداعر الماجن ! فيا للدقة العقلانية و حدة التفريق والملاحظة فيها ! و لأنه ذكر في الجنة ولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ منثور و يخدمون اهل الجنة ، صاروا شاذين جنسيا ؟ هل كل جميل يكون شاذ جنسيا ؟ و الجنة ليس فيها الا الجمال .. فهل يليق بجمال الجنة ان تكون اشكال الخدم فيها قبيحة ؟ يبدو انك تربط بين الجمال والجنس ، مع انه لا توجد علاقة بينهما اطلاقا .. فالجمال ينطلق من مشاعر راقية ، والجنس ينطلق من غريزة حيوانية . انت أو اي شخص يحب ان يكون ابنه وصديقه واخوانه باشكال انيقة و وسيمة ، ولا يعني هذا اي تفكير جنسي ..

بأي موضوعية تتكلم الان ؟ هل هي بموضوعية ما تحب ان يكون ؟ ام بموضوعية ما هو كائن ؟ ما هو النص في القرآن الذي يثبت هذا الشذوذ الجنسي الذي تتكلم عنه ؟ اذا كان العرب انفسهم قبل القرآن لا يعرفون الشذوذ الجنسي ، ولو ذكر لهم لتقززوا منه ، فكيف تكون مخالفة الطبيعة والقذارة في الجنة الطاهرة المطهرة ؟ فيحرم الله الزنا واللواط في الدنيا ، و يبيحه في الجنة ؟ حتى الخمر ليست هي خمر الدنيا ، فهناك استثناءات ، والذي لا يأخذ بالاستثناءات ، دائما يكون مغرضا .. (لا غول فيها ولا تاثيم) .. الجنة فيها كل شيء على اطهر مستوى و أرقاه . فالجنس نفسه ليس رذيلة ، مثل الطعام ، بل الرذيلة في تخطّيه الحدود الاخلاقية والطبيعية .. لاحظ كلمة (ازواج) ، أي ان كل زوجة خاصة بزوجها ، وليست مشاعة لكل احد كما تحب ان تصور لنا ان الجنة دار دعارة .. 

انتم تصورون الجنس رذيلة في الجنة ، بينما هو ام الفضائل عندكم في الدنيا ، بإسم الحرية ، بل باسم الصحة العقلية كما يقول فرويد ، وأحيانا بإسم الحب !! و هكذا هي الانتقائية بشكلها المنفر والمقلل من المصداقية التي تفقد الثقة بالطرح والتناول الالحادي للدين كله ..   

الم يقل القرآن : و عندهم قاصرات الطرف ؟ اي من الحياء ، فلا ينظرن إلا إلى ازواجهن ، فكيف يكن مومسات و هن يستحين من غير ازواجهن ؟ هل تقدم قرآنا من عندك حتى تثبت وجهة نظرك الالحادية ؟ انت في الحوار خرجت كثيرا عن الواقعية والمنطقية والموضوعية .. وكأنك تريد ان تـُسمع صوتك الداخلي ، بينما نحن نريد ان نستفيد ، ولن نستفيد بدون المنطقية والواقعية و الموضوعية  .. انت تريد ان تشوه لنا القرآن وتضع فيه ما ليس فيه ونحن نعرفه والجميع يعرفه .. انت في هذه الحالة لا تشوه القرآن بقدر ما تشوه مصداقيتك وموضوعيتك وتشكك في مصداقيتك ..

ماذا يقول من يقرأ كلامك هذا وهو يراك تقوّل القرآن ما لم يقله ، بينما هو مرجع معروف ؟ اذن فكيف سيصدقك بما ليس مرجعه معروف وليس بسهل الوصول والتناول ؟

العقل يقول لك : غيّـر هذه الفكرة عن الجنة حتى وإن لم تؤمن بها ، احتراما للموضوعية ، و حتى لا تكون ممن يتكلم بلا دليل .. فما بالك اذا كان الدليل ضد كلامك موجودا ومكتوبا في النص الذي تتهمه ؟        

العبثيّة أي لا هدف ولا غايّة ، وحيث أن الإله مطلق ، كامل الصفات ، لا يريد شيئاً ولا يحتاج إلي شيئاً ، لهذا وجودنا من قبل هذا الإله هو العبث بعينه !!

كيف تقول انه لا يريد شيئا و النص امامك ؟ أتصنع كتبا سماوية كما تريد ؟ هو لا يحتاج منا شيئا ، لكنه يطالبنا بأن نكون على الصراط المستقيم لمصلحتنا ، اي هو يطلب منا ، لكن لنا و ليس له .. وانت تقول انه لا يطلب اي شيء ! ولا يأمر بأي شيء !

يجب ان نهتم بالدقة حتى نستطيع ان نبلور فهما دقيقا عن هذا الموضوع او غيره ، افضل من ان نرمي الكلام على عواهنه ، خصوصا و نحن نتكلم عن نصوص مكتوبة ! على طريقة اختبار اوبن بوك open book ..

ثم انتم مختارون للعبثية اصلا ، ليس لهذا السبب انتم مؤمنون بها ، بل هي مقصودة بذاتها ، وهي اساس الفكر المادي الملحد الذي لا يؤمن بنظام ، لسبب بسيط وهو لانه لا يؤمن بمنظم ، والنظام لا يوجد الا بمنظم ، لهذا صارت العبثية هي مخ النخاع في الفكر المادي الملحد .. و منها ينطلق وبها يرى الحياة .. لأنه ببساطة لا يوجد اله ، اذن توجد عبثية و فوضى .. والفوضى والعبثية دائما تناسب من لهم اهواء يريدون تنفيذها ، ولا تناسب من لهم عقول يريدون تغذيتها واشباعها ، لان العبثية لا تشبع العقل ، وان كانت تشبع الشهوات – كما تبدو لاصحابها لأول وهلة ، وهي في الحقيقة والآخر ليست كذلك - .

لا يوجد من يحب العقل و يحب العبثية في نفس الوقت . فالعبثية لا توضع في العقل لانها فوضى ، والعقل يوضع فيه النظام ، والمنطق نظام والعلم نظام .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق