شاكي:
وأود أيضاً أن أوضح شيئاً كثيراً ما يردده البعض ، هناك فرق بين ما يفترض به أن يكون وفق منظورنا الحالي ومنطقنا السائد اليوم ، وما يحدث في الواقع ، ولا علاقة لهذا بذاك !بمعني ، كثيراً ما يأتي أحدهم قائلاً ، لايوجد عدل في هذه الحياة ، إذن لا بد من وجود حياة آخري كي يسود فيها العدل !في الحقيقة هذا خاطئ تماماً من قال انه يجب أن يسود العدل ؟ أو ان يأخذ المظلوم حقه ؟ لو كان هذا قانوناً مثلاً لحدث في تلك الحياة ، لا في شيئ مبهم لا يوجد أدني دليلاً علي إمكانيّة حتّي حدوثهفهناك فرق بين ما يحدث وما سيحدث ، وبين الذي من المفترض أن يكون وفق منطق بشري !
الرد:
الآن ترفض المنطق البشري وقبل قليل تطبقه بدقة على الله! فإما أن تحترم المنطق بالكامل أو ترفضه بالكامل, بدلا من الانتقاءات . المنطق لا يصلح فيه الانتقاءات . الملاحدة لا يعتبرون المنطق شيئا ملزما إلا إذا كان يخدمهم, ومن لا يحترم العلم لا يحترم المنطق.
الآن ترفض المنطق البشري وقبل قليل تطبقه بدقة على الله! فإما أن تحترم المنطق بالكامل أو ترفضه بالكامل, بدلا من الانتقاءات . المنطق لا يصلح فيه الانتقاءات . الملاحدة لا يعتبرون المنطق شيئا ملزما إلا إذا كان يخدمهم, ومن لا يحترم العلم لا يحترم المنطق.
أنت
لا تنظر إلى الواقع في ما يبدو . لماذا إذن توجد المحاكم و حقوق الإنسان وحقوق
النشر والتأليف وحقوق الملكية الفكرية ؟ و تتطور القوانين كل يوم ؟ اليست محاولة
من البشر لتحقيق العدل المطلق مع أنه لا يمكن أن تحقيقه؟ إذن أنت تخطّئ كل محاولات
البشر لإيجاد العدالة لأنك لا ترى انها ضرورية .
تخيل
نفسك مظلوما : ألن تطالب بالعدل؟ أم أن المنطق بالاختيار كالعادة و وقت الحاجة؟
إذن ما دام الجميع يريد العدل ويحاول الوصول إليه فمنطقيا العدل المطلق موجود, و إلا
لما بحثوا وجددوا وابتكروا محاولة للوصول إليه, مع أنه منطقيا لا يمكن أن يتحقق في
الدنيا, إذن منطقيا سيتحقق في حياة أخرى, والحاجة إلى الشيء تدل على وجوده, انت
تريد أن تلغي هذه الحاجة مخالفا لواقع البشرية, وهكذا هو الإلحاد مخالف ليس فقط
لمنطق البشرية بل ولواقعها .
دائما
الملحد يغرد خارج سرب البشرية ساخرا من اهتماماتها, ولا بأس عنده في التناقض وتكبير
ما يشاء وتصغير ما يشاء لأنه لا يرى المنطق أمرا مقيِّدا ، لأن اساسه الانتقائية
التي تخولها الحرية الليبرالية شعاره الأوحد ومعبوده الدائم . لذلك هو يرددها أكثر
من ذكره لغيرها, فحريته أكبر من المنطق وأكبر من الأخلاق واكبر حتى من العلم ومن
كل شيء .. وماذا ننتظر بعد هذا ؟ سيكون هو أكبر من كل شيء لأن حريته تعني هو, و تأليه
الذات فوق كل شيء, والانتقائية ليست إلا تعبير عن الحرية, أي حرية التنقل
والاختيار والرفض, أي لا ثوابت, واللثوابت يعني اللا عقل واللا منطق واللا أخلاق
واللا دين إلا انتقاء تابعا لحاجة الذات, وكيف ننتظر قيدا ممن شعاره الحرية بدون
أي تقييد ولا إضافة كلمة أخرى عليها؟
فاقد
الشيء لا يعطيه . والمنطق قيود , ونتيجة ذلك بديهية ألا يقيده ولا حتى العقل ولا
العلم ولا الأخلاق, لأنه ينطلق من الليبرالية الذاتية وليس من الحقيقة ( قل لي ما شعارك
أقل لك من أنت). وهذا ما جناه تمجيد الحرية وحدها, لو كان التمجيد للحقيقة وهي
الشعار بدل الحرية لكانت حياة الإنسان على هذا الكوكب افضل بكثير.
--------------------------------------------------------------
ياسين :
الزميل
الوراق:
لم أقرأ لك منذ مدة, و سعيد أنك فتحت هذا الموضوع العميق بالنسبة لي.
سأختلف معك, فما تراه ثنائيات هي في الحقيقة غير موجودة, بل هي طريقة نستخدمها لتصنيف الأمور من حولنا (أو داخلنا) و لكننا نعتقد أن الأمور هي هكذا. و كي أوضح فكرتي سأضرب مثال : تجد أن معظم متابعي الدور الاسباني يشجعون إما ريالمدريد أو برشلونة, بالتأكيد لأنهما الفريقان الأقوى في الدوري الاسباني, لكن يوجد الكثير من الأندية الاسبانية المشاركة في الدوري. و كون أن الناس ليست معتمة بها لا يعني أنها غير موجودة و تؤثر في نتيجة الدوري (طبعاً لصالح أحد الفريقين). و أجد كثيراً من يسالني (هل تشجع الريالمدريد أم برشلونة) أي أن السائل يفترض سلفاً أني سأشحع أحد الفريقين. و في الحقيقة أنا لست متابع للدوري الاسباني أو أي دوري آخر.
التصنيف الثنائي للأمور هو محاولة لاختزال الواقع ضمن ثنائيات, و هذا التصنيف يسقط عمداً أو بغير قصد الكثير من الأشياء الموجودة فعلاً. و كمثال على ذلك العالم أيام الاتحاد السوفيتي حيث تم تقسيم العالم و الدول إلى معسكرين هما الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي, و المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. لكن في الواقع أن معظم دول االعالم كانت خارج هذا التصنيف, و من هذه الدول دول عدم الانحياز و سويسرا.
أما من ناحية السلوك, فإن معظم سلوكنا خارج نطاق التصنيف الثنائي (خير شر) فمثلاُ النوم الشرب الأكل التزاوج الضحك البكاء, كل هذه السلوكيات ليست ضمن الخير و الشر, و لأنها كذلك يحاول بعض المتطرفين من رجال الدين أن يضع حدود لهذه السلوكيات من خلال وضع معايير يقسمون فيها النوم أو اللأكل و الشرب إلى نوع حلال و نوع حرام. و ننشغل بهذه التقسيمات و ننسى ان النوم هو النوم أو الأكل هو الأكل و أن الحدود المرسومة بن أنواع حلال و أنواع حرام هي حدود وهمية موجودة في أذهاننا و ليست في الواقع خارجه.
بما أنك ذكرت السياسة (الحمائم و الصقور) دعني أقول لك أن معظم البرلمانات فيي العالم تنقسم إلى يمين و يسار, و لكن تجد يمين متطرف و يمين وسط و يمين قومي و يمين متدين, و في المقابل يوجد يسار متطرف و يسار وسط و هكذا و الغريب أن يسار الوسط أقرب إلى يمين الوسط منه إلى اليسار المتطرف. و في دولنا العربية تجد أن اليمين القومي أقرب إلى اليسار الاشتراكي منه إلى اليمين الاسلامي.
خلاصة قولي أن التصنيف ثنائي القطب ليس هو الواقع, في الواقع تشكيلات كثيرة و متنوعة اكبر من الثنائيات. و تستخدم الثنائيات من اجل الجشد للصراع, تماماً كما قال بوش الابن (من ليس معنا فهو ضدنا) أو كما يرى المتدينون أن الناس (إما مؤمنون او كفار).
الحياة ليست أبيض و أسود (و يضاف الرمادي لسد الفراغ) بل هي تشكيلة من الالوان المتنوعة الغير محدودة.
تحياتي
لم أقرأ لك منذ مدة, و سعيد أنك فتحت هذا الموضوع العميق بالنسبة لي.
سأختلف معك, فما تراه ثنائيات هي في الحقيقة غير موجودة, بل هي طريقة نستخدمها لتصنيف الأمور من حولنا (أو داخلنا) و لكننا نعتقد أن الأمور هي هكذا. و كي أوضح فكرتي سأضرب مثال : تجد أن معظم متابعي الدور الاسباني يشجعون إما ريالمدريد أو برشلونة, بالتأكيد لأنهما الفريقان الأقوى في الدوري الاسباني, لكن يوجد الكثير من الأندية الاسبانية المشاركة في الدوري. و كون أن الناس ليست معتمة بها لا يعني أنها غير موجودة و تؤثر في نتيجة الدوري (طبعاً لصالح أحد الفريقين). و أجد كثيراً من يسالني (هل تشجع الريالمدريد أم برشلونة) أي أن السائل يفترض سلفاً أني سأشحع أحد الفريقين. و في الحقيقة أنا لست متابع للدوري الاسباني أو أي دوري آخر.
التصنيف الثنائي للأمور هو محاولة لاختزال الواقع ضمن ثنائيات, و هذا التصنيف يسقط عمداً أو بغير قصد الكثير من الأشياء الموجودة فعلاً. و كمثال على ذلك العالم أيام الاتحاد السوفيتي حيث تم تقسيم العالم و الدول إلى معسكرين هما الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي, و المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. لكن في الواقع أن معظم دول االعالم كانت خارج هذا التصنيف, و من هذه الدول دول عدم الانحياز و سويسرا.
أما من ناحية السلوك, فإن معظم سلوكنا خارج نطاق التصنيف الثنائي (خير شر) فمثلاُ النوم الشرب الأكل التزاوج الضحك البكاء, كل هذه السلوكيات ليست ضمن الخير و الشر, و لأنها كذلك يحاول بعض المتطرفين من رجال الدين أن يضع حدود لهذه السلوكيات من خلال وضع معايير يقسمون فيها النوم أو اللأكل و الشرب إلى نوع حلال و نوع حرام. و ننشغل بهذه التقسيمات و ننسى ان النوم هو النوم أو الأكل هو الأكل و أن الحدود المرسومة بن أنواع حلال و أنواع حرام هي حدود وهمية موجودة في أذهاننا و ليست في الواقع خارجه.
بما أنك ذكرت السياسة (الحمائم و الصقور) دعني أقول لك أن معظم البرلمانات فيي العالم تنقسم إلى يمين و يسار, و لكن تجد يمين متطرف و يمين وسط و يمين قومي و يمين متدين, و في المقابل يوجد يسار متطرف و يسار وسط و هكذا و الغريب أن يسار الوسط أقرب إلى يمين الوسط منه إلى اليسار المتطرف. و في دولنا العربية تجد أن اليمين القومي أقرب إلى اليسار الاشتراكي منه إلى اليمين الاسلامي.
خلاصة قولي أن التصنيف ثنائي القطب ليس هو الواقع, في الواقع تشكيلات كثيرة و متنوعة اكبر من الثنائيات. و تستخدم الثنائيات من اجل الجشد للصراع, تماماً كما قال بوش الابن (من ليس معنا فهو ضدنا) أو كما يرى المتدينون أن الناس (إما مؤمنون او كفار).
الحياة ليست أبيض و أسود (و يضاف الرمادي لسد الفراغ) بل هي تشكيلة من الالوان المتنوعة الغير محدودة.
تحياتي
شكرا
لمداخلتك و لسؤالك عني .. واعتز بحوارك ..
لكن
يا عزيزي أنت تكلمت عما تحب ان يكون أكثر مما هو كائن .. خصوصا وانت قد قدمت
ديجابتك عن كرهك للابيض والاسود و للتقسيم الثنائي كله ، وهذا شيء يكره الفكر
الليبرالي بلا شك ، ولا يريد ان يكون هناك ثوابت وحدود ، وهي رغبة معروفة .. لكن
ماذا افعل يا سيدي ؟ هذا هو الواقع !!
الثنائية
حتمية .. انت ذكرت ان الحياة فيها تنوع ، و لكنك لم تذكر ان كل تنوع يأخذ طريقه
الى الثنائية .. نعم في اسبانيا فرق كثيرة ، و لكن في النهاية لا يبقى الا فريقان
، اذن المحصلة هي الثنائية و ليس التعددية ، لان الفرق الاخرى لن تـُذكر في الاخير
، اي كأنها غير موجودة ، لانها انضمت إلى هذين التيارين و دخلت فيهما .. إن الامور
تبدأ كلها من التعددية وتنتهي بالثنائية .. قد لا تكون مشجعا للكرة من الاساس مثلي
، لكن لا يعني هذا انك لا تنضم الى ثنائيات من نوع آخر ..
تتكلم
عن دول عدم الانحياز ! هل هي موجودة فعلا ؟ ام انها ذهبت الى الانحياز ؟ و هل
سويسرا ليست من ضمن المعسكر الراسمالي الغربي ؟ كل ما في الامر هو انه ليس لها جيش
، ولكن لها جيوش من البنوك الراسمالية .. غياب المعسكر السوفياتي لا يعني ان
العالم سوف يستمر على قطب واحد ، بدليل ظهور التكتلات التي تحاول سد الفراغ في
الثنائية ، كالاتحاد الاوروبي و تقارب الصين مع روسيا و مع ايران و سوريا اخيرا و تشابهها
في التفكير ..
قلت
لك ان كل شيء ثنائية او يأخذ طريقه اليها ، فالاكل مثلا تعتبره منطقة حرة من
الثنائية ، و هذا غير واقعي .. انظر الى اكل مال اليتيم او اكل اموال العامة ،
انظر الى النوم عن الواجب ، انظر الى الاغتصاب و الزنا و الخيانة الزوجية ، كلها
من صور التزاوج ، و انظر الى الزواج السليم ، ايضا مثلها ، فهل حكمها واحد و هل هي
خارجة عن الثنائيات ؟ الم تقم الصراعات والمشاكل بسبب اغتصاب او زنا او خيانة
زوجية ، مع انك ترى انها امر حر لا شأن له بالثنائية ! الواقع ان لها شأن و اي شأن
!! وما دمت لا تؤمن بالدين ، على الاقل آمن بخطأ الإغتصاب ، فهو من صور التزاوج !
ولا بد انك تصنفه من باب الشر .. اذن التزاوج داخل في ثنائية الخير و الشر ..
انظر
الى الضحك ، الم تتألم يوما من الايام لأن احدا ضحك عليك وأنت تخطئ في كلمة او
كتابة على السبورة ؟ ألم تصنفه شرا وُجه اليك ؟ مع انه مجرد ضحكة ؟ انظر الى من
يبتسم و يضحك لك ويشجعك ، لتقف من عثرتك .. البكاء ايضا : الم نحبس دموعنا التي
كانت ستعزي مظلوما لو رآها ؟ ألم نكبت مشاعرنا الخيرة و الجياشة بحكم الاتزان
والمصلحة ؟ وحرمنا من كان سيستفيد منها ؟ أرأيت انه لا يوجد شيء عبثي في حياتنا
ممكن ان يكون خارجا عن ثنائية الخير و الشر ، كما قال القرآن ( إن السمع والبصر
والفؤاد كل اؤلئك كان عنه مسؤولا) ؟ ..
بل حتى
النظرات انت لم تذكرها ، فرغم دقتها إلا أنها تحمل معاني الخير و الشر .. مع أنها
مجرد نظرة .. لا وجود لشيء حر من الثنائية اذا تأملت واقعنا بدقة ..
شكرا
لك ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق