الاثنين، 18 يونيو 2012

حوار شاكي (3-13)



شاكي:

بمعني أخر لو نظرنا إلي الكون لوجدناه يخضع لقوانين ثابته حتّي شكل مجرتنا درب التبانّة ! والتي هي من النوع الحلزوني
(شكل يمثل ثلثي اشكال المجرات الموجودة )
لننظر هنـــا أيضاً
صورة


سنعرف لماذا تبدو كذلك ؟ ليس هناك خالق البته ، بل أن دوران قرص المجرة الحلزونيّة حول محوره يؤدي إلى قوة مركزية توازن الجذب الثقالي، وبناءاً علي ذلك فإن مركز المجرة يدور بسرعة أكبر من طرفها، مما يؤدي إلى تحول البنية الدائرية إلى بنية حلزونيّة !
لا يوجد خلق إطلاقاُ ولا تدخل لشيئ من قريب أو بعيد ، بل الامر كله يسير وفق القوانين ، ولا يظهر هنا سوي آثار الجاذبيّة ، وليس اله يخلق ؟

الرد:
انت قلت يسير وفق القوانين ! اي وفق الارادة التي وضعت القوانين ! و ها انت ذا تعمم القوانين الارضية على عالم السماء ، و قد انكرت ذلك من قبل !! مع انك لم تقر سابقا بكلمة قوانين و استبدلتها بطباع للمادة !! لماذا تتهرب عن هذا السؤال : ما هي القوانين و من اوجدها ؟ الجواب اقوله بدلا عنك : لا اعرف ..

انت الان تعرض لنا ان القوانين تنظّم ، اذن هي منظّمة ! من الذي نظمها ؟ ارجوك لا تقل لي اللاشيء ! حتى لا نفقد العقل نهائيا !

اذن معنى هذا : كل ادخالكم للعلم لنفي وجود الله هو من باب مغالطة بابا نويل التي افترضتموها و صرتم تردون عليها بالعلم !! الدين لم ينفي القوانين ، الدين قال : اعقلها و توكل ، و قال : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة . ولم يقل : اتكلوا على التدخل المباشر ! انتم تقوّلون الدين خصوصا الاسلام ما لم يقله . بالتالي لا قيمة لهذا الاعتراض ، لانه على قضية مختلقة .

و وجود القوانين لا ينفي وجود القدر و التوفيق . لاحظ : انت ملحد وتقول انك على منطق وعقل وعلم . و انا مؤمن واقول مثلك تماما . هنا : اين دور القوانين ؟ لا يوجد .. فنحن في اختيار حر . انا ارى اني اعطيك حقائق فتتركها ، وانت تفكر كذلك . الهداية و التوفيق من الله ، ولم يقل الله انه سيغير لنا قوانين المادة إن آمنا به ، فالله يرزقنا من حيث لا نحتسب ، اي ييسرنا للطريق الصحيح الذي يجعلنا نستفيد من القوانين و لم نكن نتصور انه سيفيدنا (ونيسرك لليسرى) .

الشخص الامين لا شك ان باب رزقه في الأخير اوسع من باب رزق الخائن السارق . لان الناس ستثق به ، فبالتالي سيزدهر عمله ، وهكذا لانه اطاع ربه و صار امينا ، انفتح له باب الرزق الحلال المريح . فهنا القوانين ثابتة ، و مع ذلك يتغير وضع الانسان .

الله لم يعدنا بتغيير القوانين لاننا مؤمنين به ، و لكنه وعدنا بانه ييسرنا للطريق اليسير في الحياة الذي يجعلنا نستفيد من هذه القوانين . فالتغيير الذي يذكره القران للمؤمنين به هو من خلال ذواتهم وذوات الناس ، وليس بتغيير القوانين لهم . بدليل ان الانبياء مثل محمد لم تتدخل المعجزات له ، و لكن الله سخر له من يقف معه و يحميه رغم كثرة اعداءه ليموت على فراشه امنا .

كل ما لا نستطيع تحقيقه بالطريقة المادية ، سيكون تدخلا و هداية من الله ، كأن يكون لك اناس يخلصون لك و يحبونك و يخدمونك ويحبون بعضهم ، فلو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ، ولكن الله الف بينهم .

في سيرة الانبياء ، نجد ان نطاق المعجزة الكاسرة للقوانين محدود جدا في حياتهم . كل ما لا ياتي بالمادة هو خارج قوانين المادة . فانقاذ الرسول من مواقف كثيرة خطرة كان بسبب هداية الناس و تسخيرهم له و موافقات ارادها القدر ، و ليس بسبب معجزات .

القدر نراه في المعجزات المعنوية ، فتحصل ثورات و تقوم حروب وتنطفئ حروب ولا احد يستطيع ان يعرف السبب المباشر ولا يستطيع ان يتنبأ بها ، فقد يحبك احد ، ومع انه يحبك الا انه يستمر في عداوتك .

القوانين المادية قدر ثابت ، و هناك قدر متغير .

نرى احداثا غريبة و لكننا لا نرى اعجازا ماديا ، انه القدر المعنوي . فالله لم يخلق الكون و يدر له ظهره ، فهذه الفكرة جاءت بسبب انتظام القوانين المادية ، ونسوا القوانين المعنوية . انها احادية النظرة ، مشكلة الفكر الغربي . لكن الله اراد للقوانين المادية ان تثبت ، والا لما كان علم و لا عقل ولا اختبار .

قال تعالى : و لينصرن الله من ينصره ، اي سيحدُث شيء يترتب على اختيار حر عند البشر ، اي ان الله موجود معنا رغم ثبات القوانين المادية .

فلو كانت الحياة فوضى لحصل بين ظروفها تصادم و لكان لم يصل احد لخط سليم و كله نجاح في حياته ، ولما وصل و لا نبي بسبب كثرة الاعداء ، فبحسبة عقلية لا يمكن لهم ان ينتصروا ، لان القوي والكثير يغلب الضعيف والقليل .. اذن هناك ارادة ارادت له من خلال الموجود ان يفوز و يستمر .

لاحظ حفظ اللغة العربية ، لغة القرآن ، كيف ان الارسالات التبشيرية المسيحية احتاجت حتى تخاطب العرب الى ايجاد مطبعة لتبعدهم من الاسلام الى المسيحية ، و طبعت كتب التراث العربي ، فعززت اللغة العربية – وبالتالي الاسلام والقرآن - من حيث ارادت ازالتها و ازالة القران . الفضائيات والاعلام خدم اللغة العربية حتى يخاطب جميع العرب بخطاب واحد ، بعكس ما كان يريده ويلكوكس وغيره من المستشرقين و دعاة العامية .

انت الآن تعادي القرآن و تكتب بالفصحى لغة القرآن ! و تصر على ذلك وتتزين بها مع انك تستطيع ان تقدم خطابا مفهوما بالعامية ، فتكون ساهمت في حرب الاسلام ! لولا هذه التدخلات لتفرقت اللغة العربية ، و اذا ضاعت العربية ضاع القرآن ، مثلما تفرقت اللاتينية ، و صار لهولندا لغة و لفرنسا لغة ولانجلترا لغة و لالمانيا لغة ، مع انهم متقاربون ويعيشون في ثقافة مشتركة ، بينما البلاد العربية واسعة جدا و الاتصال كان ضعيفا بينها ,,

الهجوم على العربية عزز المدافعين عنها ، مع انهم الزموا الجرائد بالعامية في مصر ايام ويلكوكس و سلامة موسى و سعيد عقل . لم تنجح محاولاتهم و زاد الناس اقترابا للعربية ، بل حتى افلام الكرتون المدبلجة تقدم للاطفال باللغة العربية وتلقى نجاحا اكبر وتؤسسهم لفهم القرآن ..

و بقيت الفصحى محفوظة و معززة من 1400 سنة بمساهمة اعداءها ، رغم الظروف الهائلة التي مرت بها .. و ما تزال لغات العالم تتغير الا العربية لكي تحمل هذا القرآن . انه القدر المعنوي دون التدخل في القوانين المادية .. و القدر جعل العرب الكافرين لا يحاولون تحدي القران وايجاد قرآن اخر و قرآنات أخرى تلتبس مع القرآن ، اي انصرفوا عن ذلك . لا احد يعرف سببا منطقيا لذلك ، رغم فصاحتهم وكثرة خطبائهم وشعرائهم ، ولم يرصدوا جوائز لذلك .

بل انتم كفار العرب اليوم ، لا تحاولون قبول التحدي رغم فصاحتكم الواضحة ، انه القدر .

ابو طالب رغم رفضه للاسلام ، الا انه خدم الرسول و حماه بدافع العصبية ، بينما  اعمامه الاخرين لم تحركهم الحمية مثل ابي طالب ، و مات مشركا . لانه كان بحاجة لحمايته في تلك الفترة .

لا يستطيع الملحد ان يثبت عدم وجود القدر المعنوي بعد ان ثبت وجود القدر المادي من خلال القوانين التي لا يمكن تفسيرها . وكذلك القدر المعنوي لا يمكن تفسيره ، فمهما ذكرت من المبررات فستكون فضفاضة وغير دقيقة . فلماذا انت تصر على كفرك و انا اصر على ايماني و كلانا يستعمل العقل ؟ الامر غير مفسر . هل تستطيع علميا تفسير لماذا انا اصر على الايمان وانت تصر على الالحاد ؟ و ترفض ادلتي وارفض ادلتك ؟

شاكي:

هذا كافٍ ، لمن يسأل عن ترتيب الاحجار ، ولكن المشكلة كما نوّهت لا تكمن في الحقيقة إطلاقاً أو الوصول إليها ، بل في الذي يريد معرفتها ـ فتراه بعد مشاهدة الامواج العبثيّة وهي ترتب الاحجاربمحض الصدفة ، وإدراكة تمام الإدراك أنه لايوجد من يرتبها ، يتحوّل إلي من الذي أتي بالامواج ! من كوّن المياه ؟ ومن أوجد الاحجار في ذلك المكان ؟

الرد:
يبدو انك تريد ان تقنعنا بفكرة الصدفة المرفوضة منطقيا . 

شاكي:

وكأن أحدهم قام بهذا كله من أجل ترتيب بعض الاحجار علي شاطئ لعين !
فالكون وما يحتويه لم يخلق ولم يصنع ولم يتدخل أحدهم لا من قريب ولا من بعيد !

الرد:
انت تكرر هذا التقرير بثقة و بدون دليل ! مخالفا بذلك طريقة تفكير العقل البشري والمنطق العلمي . هل اذا ردّدت انه لا يوجد خالق ، تحول الامر الى حقيقة ؟ كانك تقول لنا : بما ان هذه الاحجار ترتبت بهذا الطريقة ، اذن ما المانع ان تكون اغصان الشجرة وحياتها وثمرتها جاءت بنفس الطريقة ؟ الفرق كبير . الشجرة مركب ومعقد اشد التعقيد ، ولا يمكن معرفتها بالكامل ولا سر حياتها . ترتيب الاحجار على الشاطئ عملية بسيطة وغير مركبة ومعروفة السبب ، فالمقارنة خطأ ، يجب ان تقدم لي شيئا مركبا صنعته الصدف ، مع انه لا يوجد شيء اسمه صدف ، بل يوجد قوانين ، و كل قانون معروف ماذا يمكن ان يفعل ، و يمكن دراسته علميا .

اذن هذا المثال غير مناسب . لاننا راينا ماذا تفعل عوامل البيئة ، و لو لم نكن رأينا لجاز لنا ان نساير خيالكم . عواملٌ معروفٌ ماذا يمكن ان تفعل ، و هي اشياء معينة وغير مركبة ويمكن دراسة نتائجها و رصدها . تريدون ان تحمّلوا هذه العوامل ما لا تطيق ، بحيث تخلق ما هو اكثر تعقيدا منها هي ، وهذا لا يجوز منطقيا ، ففاقد الشيء لا يعطيه . فالكائنات الحية اكثر تعقيدا من البحر ومن الاشعة ومن الحجارة والرياح الخ ..

و كل شيء يقدم تعقيدا اقل منه , فكل ابداع الانسان اقل تعقيدا من الانسان . وابداع الموج اقل تعقيدا من الموج . اذن قدرة من خلق الكون والحياة قدرة تفوق التصور ، ما دامت انتجت كل هذا التعقيد . هكذا يقول العقل والواقع والتجربة . اذن طرحكم مخالف لهذه البديهيات العقلية . انتم تنسبون التعقيد الى الاقل تعقيدا ، وهذا غير منطقي ولا واقعي ، كمخالفة اخرى للحقيقة .

اذن فكرة الصدفة هي قفز على العقل البشري . ولا حقيقة بدون عقل ، و اذا الغينا العقل فلا قيمة للحقيقة . لانه هو الوسيلة الوحيدة للمعرفة .

مثال هذه الفكرة : ان محلا للغاز و محلا للبقالة ومحلا لاصلاح الدراجات الهوائية وبائع خضار ، تجمعت جهودهم فاطلقوا مكوكا فضائيا الى المريخ بادواتهم البسيطة و المعروف ماذا يمكن ان تفعل ! هذا من صور اللاعقل : تحميل الامور ما لا تحتمل .

زد على هذا : ان الصدف مثلما تبني ، تهدم ايضا ، انتم تختارون الصدف البانية وتهملون الصدف الهادمة ، بانتقائية غير علمية البتة ، فالطبيعة لا تنتقي مثلكم ، اذن فكرة الانتخاب الطبيعي فكرة ساقطة . الانتخاب يحتاج الى ارادة واعية تنتقي و تجمع ما يناسبها ، وتـُبعد ما يفسد بناءها ، مثلما برمج داوكينز كمبيوتره كتجربة على الانتخاب الطبيعي ، ثم يقول بكل سذاجة : انظروا ماذا فعل الانتخاب الطبيعي عبر جهاز الكمبيوتر تبعي !

و من هنا احتجتم الى فكرة الصراع لتقيموا فكرة الانتخاب الطبيعي ، مع انه لا يوجد صراع في الطبيعة ، كل هذا في سوق التاجر وليس في الطبيعة . العمى لا ينتج انتخابا طبيعيا ، لانه لا يعرف الانتقائية :

متى يبلغ البنيان يوما تمامه .. اذا انت تبنيه وغيرك هادم .. 

لو نطقت الصدف البانية لقالت هذا البيت ..

و ما دامت الصدف تبني و تهدم ، اذن لا يمكن ان ينتج تركيب مستمر فضلا عن ان يكون معقدا آخـِر ما يمكن ان يكونه التعقيد . ما دام انها لم تستطع ان تصنع تركيبا فقط ، فكيف تصنع تعقيدا ؟ و هنا ايضا كسرتم العقل من ظهره ، و تعودون لادعاء العقلانية ! وانتم ابعد ما يكون عنها ..

العقلانية لا تتم الا بالايمان بوجود اله ، وهذا كلام منطقي وليس كلاما عاطفيا . وما لا يكتمل العقل الا به ، فهو حق .  

شاكي:
كما انه يظل يعارض الواقع بكلام إنشائي ، فالشمس لا تغادر مكانها ،

الرد:
القران يقول : وترى الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب ! هذا يشير الى دوران الارض . والشمس ليست كما تتصور انها ثابتة ولا تتحرك ، بل كل شيء في الكون يتحرك . لا ادري انت نسيت او تناسيت انها تدور حول المجرة ,

 شاكي:
الارض هي التي تدور ، وهي السبب الاول في تعاقب الليل والنهار ولو نظرت ودققت ستجد ان الليل يسبق النهار في تقويمك ، فمؤلف الكلام الإنشائي الذي تضعه بعيد كل البعد عن الخالق الذي تتحدث عنه

الرد:
الكلام عن الليل والنهار وليس عن اليوم ، انت تغالط .. و بداية اليوم من الساعة الثانية عشرة ليلا هذا تحديد اصطلاحي . كل ساعة في الاربع وعشرين ساعة تصلح ان تكون بداية لليوم . اما الليل فلا يسبق النهار ، والنهار لا يسبق الليل .

هناك تعليق واحد :