الأربعاء، 13 يونيو 2012

جواب إلى الصديق @3bdolr7man (حول الضمير)

السؤال: 

مرحبا بأستاذنا الحبيب أتساءل عندما يقترف المرء خطأ يقفز جانب من داخله يؤنبه و يقول له ارتكبت فعلا خاطئا فنسمي هذا الجانب بالضمير.

الرد:
الضمير هو ألم الشعور من الخطأ , هو ردة فعل فعندما يلامس الإصبع حرارة عالية فإننا نشعر في الألم لأننا وضعناه في موضع خطأ , لكننا لا نستطيع أن نقول أن هذا الألم موجود إلا بوجود الخطأ , أي ردة فعل , وهذا يعني أن الضمير ليس موجودا إلا بوجود الخطأ , فالإصبع الآخر الذي لم يلامس الحرارة ليس فيه ألم , ولا نستطيع أن نقول أن الألم موجود بوجود الإصبع , فقد لا يتعرض لمؤثر , وهذا من الناحية المنطقية الفلسفية .

 وبالنسبة للواقع وبما أن الخطأ موجود دائما فالضمير موجود دائما كمنبه , مثل ما الأعصاب تنبه لوجود خطر الحرارة أو الوخز في أي جزء من أجزاء الجسم , وبالتالي فالضمير يزداد وينقص , والضمير ليس خاص بالخير أو الشر بل هو خاص بالخطأ والصواب , فعندما تنسى سيارتك غير مقفلة تحس بوخز الضمير كي ترجع حتى لو لم تكن تحب الرجوع لإغلاق السيارة , فالقلق نفسه وما القلق إلا صوت الضمير وهذا هو الضمير بمعناه الواسع , لكن الناس يحصرونه في الخير والشر فقط , والخير من ضمن الحقيقة والشر من ضمن الخطأ , 

لهذا القرآن أمرنا بالحق ونزل بالحق ولم يأمر بالخير فقط , لأن الحق أشمل من الخير وبينهما عموم وخصوص والباطل أشمل من الشر وبينهما عموم وخصوص , والضمير أو ما أسميه (بألم الشعور) هو نعمة كبرى من الله تضاد وتقابل وسوسة الشيطان وهمزه ,  فالله لم يتركنا بدون مضاد لوسوسة شياطين الجن والإنس , فأي وخزة ضمير لا يستجاب لها تظهر على شكل ندم مرة أخرى , فالندم عبارة عن ضمير لم يُستجب له في حينه (تعريف) , 



وألم الندم دائما أكبر من ألم التنبيه (الضمير) والسبب هو أن الزمن فات ولا يمكن الإصلاح في الماضي إلا بعض الآثار فقط  لهذا علينا أن نحذر دائما من الندم فألمه هو الأشد والأدوم  وهذه نصيحتي لتلاميذي .. (ابتعدوا عن أسباب الندم لتحظوا براحة البال ) , واللوم والعذل هو صوت الضمير من الآخرين كذلك هو أليم أيضا بسبب فوات الأوان , وفي ألآخرة نرى صورة الندم بأقسى أحوالها (يوم يعظ الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا)(يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا)(كلما دخلت أمة لعنت أختها) وهذه من صور اللوم الجماعي وتشير هذه الآية أيضا إلى مشكلة التقليد أو تقليد الأواخر للأوائل والضعفاء للأقوياء وتقليد الأبناء للآباء دون النظر في الحق أو الباطل , 

وهذا من أكثر ما يُدخل البشر النار بموجب إشارات القرآن ولومه لاتباع المجتمع والآباء بدون تمحيص وكأن المجتمع وقوته أهم من الحقيقة , وراحة البال دائما من نصيب من يخافون من الندم وفي هذا إشارة إلى كون البشر في اختبار , الندم يشير إلى رسوب جزئي في اختبار انتهى ولن يعود , ومنطقيا أن يكون ألمه طويل وممض لأنه خسارة .



السؤال : 

ما الضمير؟هل هو ذاك الصوت الذي يصدر من النفس اللوامة؟!
الرد:
ولا شك أنه المقصود بالنفس اللوامة .



السؤال: 

هل هو جهاز أصيل ركب في نفس البشر ليؤدي دور الرادع أم هو مكتسب؟ أم هو فطري و مكتسب في آن واحد؟!

الرد:
الضمير في الآخر هو الشعور نفسه , لكنه في جانب الألم , وليس جهازا مستقلا , كما تصوره أفلام الكرتون .



السؤال : 

هل هو جانب عقلي أم نفسي ؟
الرد :
هو جانب شعوري (نفسي) لكنه يتعامل مع العقل كبقية التعاملات , أحيانا العقل يكشف لك خطأ ما , ستجد أن ضميرك يتخذ موقفه , وأحيانا ضميرك عبر الإحساس يجعلك غير واثق من شيء وغير مرتاح فيدفع عقلك للتفكير حتى يكتشف الخطأ والصواب وحينها تتخذ موقفا , إذا الشعور لا يعمل بدون عقل والعقل لا يعمل بدون شعور , فأنت مثلا حاسبت المقاول وانتهى الأمر , لكنك أعدت فيما بعد حسابا للأوراق الفواتير فاكتشفت من خلال العقل أن له مبلغ لم يستلمه وكان ضميرك مرتاحا .. 

الآن .. انشغل ضمير بسبب العقل , لا تنسى أنك أعدت الحسابات لوجود إحساس خفي باحتمال وجود خطأ أي أن الشعور حرك العقل ثم العقل حرك الشعور , لنستبدل العقل بشخص آخر حينها نستطيع أن نفهم دور العقل والشعور , فكأنك قلت لذلك الشخص : أحس أن الحسابات غير مضبوطة . فيذهب هو ليحسبها ثم يكتشف خطأ يقدمه لك , ثم تبدأ أنت بالتألم وهو لا يعنيه الأمر , وهذا هو دور العقل كخادم للشعور أو سكرتير .



السؤال: 

هل الأنا و الشهوة تضعف هذا الصوت ؟ يا سيدي نلاحظ أن هناك ضمائر معطلة ؟

الرد:
صوت الضمير كمنبه يضعف كلما أهملنا نداءاته وتشاغلنا عنها , والتشاغل مفعوله أقوى من التحمل , وكثرة الإمساس تفقد الإحساس , مثل ما تجلس على مكان غير مريح لكنك تهمل هذا الأمر وتنشغل عنه , تجد نفسك تعودت عليه وخفت النداءات لأنها لم يُستجب لها , وبالنسبة للقلب هذا الإهمال والتشاغل يسبب (الران) وقسوة القلب قال تعالى : (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) والذين لا يحبون الانصياع لضمائرهم يزيِّنُ لهم الشيطان أن يزدادوا في الباطل حتى ينسي بعضه بعضها ويصبح أمرا معتادا , على مبدأ أبي نواس (داوني بالتي كانت هي الداء) .



السؤال : 

لاتؤنب بل تحفز على فعل شر مثلا كمن يقتل بدم بارد و نحو ذلك..فأين الضمير عن هذه الشرور!؟؟ ما رأي فضيلتكم في الموضوع تحياتي

الرد:
نعم وذلك هو الران قال تعالى : (بل قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يشقق فيخرج منه الماء) .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق