الأربعاء، 13 يونيو 2012

حوار في موضوع: حول الذكاء العاطفي، في منتدى منابر ثقافية




أيوب صابر :

الموضوع حتما في غاية الاهمية لكن محور النقاش كبير والقضايا متعددة ارجو من الاستاذ احمد الوراق اذا احب ان يحدد محاور النقاش ويمكنه ان ينتقل من محور الى آخر حتى يسهل التفاعل مع الموضوع.


في عجاله طبعا انا مع ان يتدرب الانسان من اجل ان يتحكم في قدراته وغرائزه ( اي أن يرفع من مستوى ذكائه العاطفي ؟) وحتما انا مع ان يفكر الانسان بصورة ايجابية.


وانا مع الطرح ) ان للعقل الباطن دور كبير في حياة الفرد والمجتمع حيث لا يقتصر تأثير اللوزة "مركز العقل الباطن " على تخزين التجارب المختلفة التي يمر بها الإنسان , بل تقوم بتحليل المعلومات الواردة إليها واتخاذ القرارات والإيعاز لعضلات الجسم للقيام بأفعال معينة( .

وانا مع الاثر السلبي للاساليب التربوية السلبية )فنحن عندما نصف أولادنا بصفات سلبية فإنها تُسجَّل في العقل الباطن ثم يتصرفون على بتأثيرها , مثل إذا كررنا على مسامع الطفل : أنت عنيد , فإنه سيصبح عنيدا بالفعل ؛ لذا علينا أن نتوقف عن تداول السلبيات في أنفسنا ومجتمعاتنا , ونكرر الحديث في الإيجابيات مهما كانت قليلة (.

ان فهم سيكولجية الانسان ليس علم رأسمالي وربما ان علماء النفس الاشتراكيين والشيوعيين والالمان واليبراليين والاوروبيين والاشتراكيين اكثر من علماء النفس الراسماليين. والمعروف ان الاتحاد السوفيتي كان متقدما اكثر من اي دولة في علم البراسيكلوجي... اذا لا يمكن القول او على الاقل الجزم ان وراء النظريات التي تتحدث عن العقل الباطن بأنها نظريات تخدم النظام الرأسمالي او الشيوعي وانها تستهدف الشعوب الفقيرة او الاديان السماوية واتباعها.

انه علم يهدف الى تحسين فهم البشرية لالية التفكير وتطوير السمات الشخصية للفرد وتحسين اداؤه.

الرد:

أليست الرأسمالية تعتمد على التجارة والتاثير في الناس ؟ انها محتاجة لعلم النفس بشكل يومي ، بل ان الشركات الكبرى توظف اساتذة في علم النفس لاجل التاثير والتسويق ، سواء على شكل جزئي او على شكل عام .

لاحظ الفلسفة البرجماتية ، تستطيع ان تربطها بسهولة بالراسمالية . تجد ان التاجر هو الاحوج الى هذه الفلسفة . لاحظ كتب علم النفس التي تسوق في الغرب و تصلنا مترجمة ، كلها تتكلم عن بناء الشخصية الناجحة ( البرجماتية الراسمالية) ، لانها لا تضع نصب عينيها الا النجاح المادي (المصلحة) ، وتبحث عن اقرب الطرق للوصول الى هذا الهدف الذي يعطونه اسما شائعا مكررا و مغريا (النجاح) . و ما هو في الاخير الا مصلحة مادية غير مهتمة بالبناء الحقيقي الاخلاقي للذات .

خبراء تطوير الذات (كستيفن كوفي – وهو حامل ماجستير في "ادارة الاعمال" ، و يلقي محاضرات في "تدريب الذات" ،  و غيره ) اكبر مداخيلهم هي من استشارات الشركات الراسمالية .. و يعتبرون دراسة ادارة الذات فرع من دراسة علم الادارة الراسمالي (فالذات شركة صغيرة يراد لها كسب اكبر) . 

فكيف نقول ان الراسمالية لا تـُعنى بدراسة النفس و طرق التاثير فيها بعد هذا ، بينما هي همها الاول لانها تعتمد على التاثير في الزبائن والموظفين ؟ انهم ينفقون الى ما يصل الى الثلث احيانا من كسبهم على الدعاية التي تدار بطريقة التاثير النفسي .  

--------------------------------------------------------------------------

حنان آدم :

مجددا ً مرحّب بهذه المعالجات الفكرية المطلوبة بشدة
خاصة في أوساطنا نحن كشباب  وفتيات , في الوقت الذي نتفتح فيه على طلب أي مادة فكرية نتلقاها إما بالقبول أو الرفض

تفكيرهم المحدود كغرب , مختلف جدا ًعن ثقافتنا نحن وما نشانا عليه من الموروث الديني والإجتماعى والأخلاقى معارض بشدة لان تقتصر معاملاتنا على المصالح النفعية المادية البحتة ..
وليس له قابلية في مجتمعاتنا نحن بالأسلوب المباشر , لكن الذي يحزن ويؤسف له
أن كثيرا ً من الشباب ينجذبون للمذاهب الداعية للتحرر دوماً وليست المشكلة هنا , لأن الاستقلال الفكرى مطلوب كاحد أساسيات الفكر المنضبط , بل يرون تلك الدعوات وسيلة ومنفذاً لنقض كل ما فات والتحرر من أي حد ّ يرجع له أو يكتفى به ,
والتفكير بحرية دون حدود أو ضوابط بزعم ان الإنسان حر في تفكيره وفي غيره من الحقوق , وأكبر مثال على هذه المذاهب والدعوة لها , الكتب الداعية لهذا مثل : " كتاب تجديد الفكر العربي " لد. زكى نجيب محمود .. للأسف , وهو ليس تجديداً وإنما نقض للمبادئ ثم وضع أساسيات جديدة بالطبع ستكون متهاوية ,

وقفت عند نقطة ذكرتها في نقدك :

اقتباس







كيف يستطيع تنظيم وقته وهو يقرأ مشاعره ؟



أعتقد ان الكاتب قد أصاب بشكل نسبي , لما قصد أن الذي يقرأ مشاعره ويدرك حاجاته , يحرص على أن يلبيها كلها , فينظم وقته ليحاول أن يفى بها كلها ويحصّل السعادة او الراحة التى يرجو .

أكرمك الله ووفقك للخير

الرد :

ومن أسس الذكاء العاطفي إدارة الوقت ..

فمن استطاع أن يتحكم في نفسه استطاع أن يتحكم في وقته
الرد:
لاحظي عبارة (التحكم في النفس) و (التحكم في الوقت) .. فهي توحي بأن هذا التحكم من خارج النفس طبعا ، لانها هي التي سوف تدار و يتحكم بها ، هي و الوقت . وهذا يعني ان العقل سوف يدير المشاعر و الوقت ، والمشاعر موجودة في النفس ، والعقل مربوط بالخارج و ظروفه والناس طبعا ومصالحنا معهم . وهذا يعني ان الآخرين والمادة هم من سيدير نفوسنا ومشاعرنا ، و هذا لا اعتبره نجاحا ، بل احتلال خارجي للذات .

هو يجعل من اسس الذكاء العاطفي ادارة الوقت ، ألا تلاحظين ان الرابط بعيد بين كلمة "عاطفة" و كلمة "ادارة وقت" ؟ الكاتب يريد الوصول الى النجاح الاجتماعي والمهني والمادي من خلال الاستفادة من المشاعر والعواطف . اي : ليس همه اتباع المشاعر ، بقدر ما هو الاستفادة منها لتحقيق الذكاء ، و الذكاء يعني القوة في التاثير والتنفيذ والوصول الى الاهداف ، و كأن الأهداف شيء والمشاعر شيء آخر .

انا اريد ان ننطلق من مشاعرنا اصلا و ليس من خارجنا ، بحيث نصبو الى النجاح الداخلي الذي هو اهم من الخارجي ، وننظر للخارج من خلال داخلنا . و ربما يعتبرنا البعض فاشلين خارجيا ، و لكن لا يهم ما دمنا ناجحين داخليا ونحقق رضا الذات والتفاهم مع مشاعرنا . بل الخضوع لمشاعرنا ، لأنها هي القائد الحقيقي لنا ولعقولنا. وليست الظروف الخارجية . هكذا نكون فعالين في الظروف الخارجية ونحن من يتحكم بها بدلا من ان نكون خاضعين لها ونواءم مشاعرنا معها .

فالمجتمع ليس ربنا ، والنجاح العملي و المادي ليس نهاية المطاف بالنسبة لشعورنا . في داخلنا كيان روحاني وليس مادي حتى يكون عالم المادة والنجاح فيه هو المقياس ، لأن هناك من ينظر اليهم المجتمع على انهم ناجحين ومرموقين وهم يتعذبون من الداخل . انهم ينظرون الى المجتمع على انه شيء مقدس ، و يكفيك ان تنجح فيه و يقبلك المجتمع . بل انهم يعتبرون كل اخلاق الانسان ليست الا اوراق اعتماد للقبول عند المجتمع .

انا اعتقد ان الحق احق ان يتبع و يبحث عنه ، سواء وافق عليه المجتمع ام لم يوافق . ونجاحنا مرتبط بمدى قربنا من الحقيقة وليس من قبل المجتمع أو النجاح فيه . المسلم الحقيقي له ربّ يهمه رضاه ، والمسلم عبد لله ، ولا ينظر الى رضا غير مولاه ، و هو الحر الوحيد على هذا الكوكب . و اذا رضي الله عن احد ، انزل محبته عند الناس حتى لو كانوا مخالفين له .        

إن الشخص الذي يستطيع تنظيم وقته ، يفترض انه يعرف مشاعره مسبقا ، و هذا لا يكون . لان الشعور مرتبط باللحظة ، و هل تستطيعين ان تعرفي مشاعرك بعد قليل او بعد ساعة او بعد العصر او في المساء وهي لم تاتي بعد ؟ اذا هو يكتب كلاما لا يدقق فيه ..

ان من يحترم مشاعره ، لا يستطيع ان ينظم وقته بدقة ، لأن المشاعر هي التي تنظم الوقت وليس العقل هو الذي ينظم وقت المشاعر . نعم العقل له ان يفترض تخطيطا عاما لنا هذا اليوم او الاسبوع او الشهر او هذه السنة ، بناء على شعور عام . لكن افترضي انه جاءت الساعة التي خططتي بها لعمل كذا ، مثل :  في العاشرة سوف اقرا كتاب زكي نجيب محمود ، للثقافة ، لكن مشاعرك لما جاءت الساعة العاشرة وجدتيها غير مناسبة لقراءة هذا الكتاب الفكري الصلب ، و وجدتي انك تميلين الى قراءة شعر ، او استماع موسيقى ، او النوم ، او منشغلة في مشكلة عائلية ، او او .. فهل ستكسرين التخطيط العقلي ام ستكسرين مشاعرك ؟ لا شك ان من هو مثلك لن يضحي بشعوره على حساب تخطيط عقلي مسبق . اذا : هل يصلح ان نخطط لمشاعرنا ؟ بل هل يمكن ذلك ؟

لهذا السبب انا اكره التخطيط الدقيق و تنظيم الوقت ، بل اترك لمشاعري لتخطط لي كيف امضي وقتي ، انا فقط اضع خطوطا عامة لحياتي ، ومن الشعور ايضا . اذا ما دور العقل ؟ دور العقل في خدمة الشعور . عقلك سوف يعمل في اي ديوان شعر يناسبني لاقرؤه ، و اين اجد ذلك الكتاب ، وما هو المكان المناسب ، الى غير ذلك . و ليبق نجيب محمود هو مع تخطيطي له ، لان الشعور الزم من الخطط العقلية .

 لهذا السبب انا انتقدت الكاتب في هذه الجملة ، والتي يمر عليها القارئ بسلام ، ولكنها عندي قضية خطيرة جدا . فنحن لا نخطط لمشاعرنا ولا نعسفها عن مسارها ، هذا ما يجب ان يكون . فقط نبحث لها عن الطريقة المناسبة والوقت المناسب ، انها مثل ينابيع الماء ، يجب الا ندفنها ، فقط نسهل لها طريقها المناسب حتى لا تضيع في الرمال ونضيع معها . لان حياتنا هي مشاعرنا وليست عقولنا ، العقل السليم هو ما تبنيه المشاعر وليس ما يسيطر على المشاعر فيكبت ما يشاء ويطلق ما يشاء ويحرف ما يشاء .

انا مؤمن ان كل مشاعرنا ايجابية ، ونحن نقف في طريقها دائما . انا عرفت الله عندما احترمت مشاعري وجعلت عقلي موظفا عندها وليس العكس كما تنادي الافكار الغربية البرجماتية والتي تاثر بها هذا المترجم فيما يبدو . لاحظي ان صاحب الكتاب مهتم بالذكاء ، انا غير مهتم بالذكاء بل بالحقيقة ..

هم يهتمون بالذكاء لانه يساوي قوة توصل الى المصلحة باقرب الطرق . انا لا تهمني المصلحة بل تهمني الحقيقة والفضيلة ، واعرف ان المصلحة الحقيقية مع الفكرة الحقيقية ، لكن ليس دافعي هو المصلحة ، لانها تتاخر احيانا مع الطريق الحقيقي ، لا يهم . المهم ان اكون مع الحق والخير والجمال ، باختصار : مع الله . والله حسبي ، اي هو الذي يحسب لي مصالحي افضل مني . وعلى الله فليتوكل المؤمنون .

تعبت كثيرا وانا اقرا هذه الكتب الغربية عن تطوير الذات والنفس ،  وجدت انها تنصب في الاخير في بحر الراسمالية والنجاح المادي ، لم اجد ان النجاح المادي هو الذي يشفي غليلي ، بل النجاح المعنوي ، والحقيقة دائما تجر الى الحقيقة ، و ما عالم المادة الا جزء من الحقائق وليس كلها ، ومن يعرف الحقائق ينجح فيها ، لهذا صرت حساسا و متشككا في قبول اي شيء يرد من تلك الحضارة المادية ، حتى لو كان ظاهره حسن ، وما اخذ الناس إلا بالنيات الحسنة . وهي لعبة الراسمالية .

قد تريني مبالغا في نقدي ، لكن ليس عندي دافع لكي اشوه كتب الناس ، لكنها الحقيقة التي اصبحت اراها بوضوح . لا بد ان اشهد لها و اقولها ، حتى لو اتهمت بالمبالغة . و آسف على الاطالة وشكرا لك ولمتابعتك ولعقلك النير وارادتك الوثابة في المعرفة .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق