الورّاق كتب:لا مانع او تناقض في ان يعلم الغيب ، وأن يختبرنا حتى لا نقول أننا ظـُلِمنا ..
السيّد "الورّاق" تحيّة ،
في الحقيقة هناك الكثير من الموانع ، فلو فرضنا جدلاً أن الله يختبرنا لقيم علينا الحُجّة ، ولكيلا يظلمنا كما تقول ، فالظلم مازال قائماً ، فالظلم هو أن ألق بك في بيت من بيوت الدعارة وأجعل العاهرات والمومسات يثيرن شهوتك-التي وضعتها رغماً عنك- وأنا أعلم يقيناً أنك ستضاجع إحداهن ولكن لكيلا أظلمك جعلتك تخوض تلك التجربة بنفسك !!! فهنا أنا قمت بالاتي :
1- أتيت بك رغماً عنك في مكان لا تريده ولم تطلب التواجد فيه {ظلم}
2- وضعت بك خصائص وصفات لن تستطع معها النجاح في الاختبار وأنا أعلم هذا سلفاً واصر عليه وأعددت لك جحيماً ساحرقك به بعدما أقيم عليك الحُجّة أو بمعني أدق الفيلم الذي كتبه وأعددته وقمت بإخراجه فأنت هنا {الضحيّة}
3- قمت بإعداد الجحيم قبل أن أوجدك ، وأعلم أنني سأحرقك ، ورغم أن وجودك لا يمثل لي شيئاً وليس ذو غاية أو هدف أو فائدة لي ، كما أن حرقك في الجحيم لا يمثل أيضاً شيئاً لي ، ورغم هذا أوجدتك ، وأغويتك ، وأحرقتك
وليس لديك خياراً لا في وجودك ، ولا في الدور الذي ستقوم به ، ولا حتّي أي مساعدة تجعلك تجتاز الاختبار فأنا هنا لا أفعل إلا شيئاً واحداً {العبث}
هذا الكلام هو الانتقائية والعاطفية بعينها ، والانتقائية نوع من
انواع العبث والتلاعب بالالفاظ والمعاني ، مع احترامي لك ، لأنك قطعت بأن كل من
أدخِل في بيت الدعارة لا بد ان يمارسها ، و كل من أغوي سوف يغوى ، وكل من طُمـِّع
سوف يطمع ، و هذا تعميم غير منطقي ولا واقعي .
وكما وجد الشيطان و الاغواء ، ايضا يوجد الشعور الخيـّر والفطرة
السوية في داخلنا ، و لها صوت ، إما أن نكبره أو نخفيه في الضجيج . كذلك وجدت
الأنبياء التي تذكر ، بل و وجد الناس المخلصين الذين يحذروننا من الخطأ و الرذيلة
، مثلما يوجدون الاشخاص السيئين الذين يشجعوننا على الغواية ..
اذن نحن في اختبار متعادل جدا ، لدرجة ان الشخص يقدم رجلا ويؤخر
اخرى ، الا من استمرأ على الباطل والفواحش ، لكن الكلام هو على اول مرة ، كل عمل
سيء نجد اننا نتردد لاول مرة ، وتستطيع ان تتذكر ذلك بنفسك ، مثلما اتذكره ، و
بعدها اما ان نحجم او نقدم بلا تردد ، و يصبح الوضع عاديا ، و كثرة الامساس تفقد
الاحساس ..
و كما وضع ربنا نارا قبل ان نخلق ، تناسيت انه خلق جنة قبل ان نخلق
ايضا ، اذن من سيدخلها بموجب تعميمك ؟ و لكنك تنتقي ما يوافق رغبتك ، و إلا لكان
ان تعرض الصورة من جانبيها وليس من جانب واحد . فكم من شخص عرضت عليه الفاحشة و لم
يستجب ، وعرضت عليه الرشوة ولم يقبل رغم حاجته ، و حصلت له فرصة الاختلاس و تحمل
فقره ، وحافظ على امانته ، إلخ .. هؤلاء هم الذين سوف يشهدون على مدعي الضعف
البشري عند الله ، سوف يقولون مثلما قلت : نحن ضعفاء وأنت قدمت لنا الإغواء ، و لا
نستطيع ان نقاوم ، اذن لا حجة لك علينا ! سيقول : و ما بال هؤلاء الذين عاشوا
مثلكم وتعرضوا للاغواء مثلكم ؟ حينها سيشهد اؤلئك بأنهم كانوا في كامل الحرية ، و
ليس عليهم ضغوط جبرية كما يدعي اؤلئك .
تعميم الضعف والانهزام امام الرذيلة على الجميع ، هو بحد ذاته ضعف
في المنطقية والواقعية .
الورّاق كتب:يجب ان يكون مستوى حديثنا عن البشر و علم البشر و واقع البشر و منطق البشر .. فللبشرية منطق وللالوهية منطق ، و منطق المخلوق لا ينطبق على منطق الخالق .. و ما يصلح للساعة ليس شرطا انه يصلح لصانع الساعة ..
انت قفزت بالمستوى الى الاله ، و هذا قفز على الموضوع .. نحن نتكلم عن الحياة الدنيا التي فيها البشر ، اما اسرار الاله فعنده .. انت تريد ان يكون الاله شفافا و معروفا بالكامل ، و هذا تناقض ، فحينها لن يكون الها .. سيكون احد اصدقائك ..
وأنا بشر والجميع هنا بشر ، فإن لم يكن ما تتحدث عنه يوافق منطق البشر ، فعذراً أبحث لك عن مكان أخر يتحدث ساكنوه عن الاشياء التخيليّة الظنيّة المتوهمة ، فهناك وحش الاسباجتي الطائر ، والتنين الازرق ذو العيون الخضراء الذي ينفث البطيخ !!
ورغم هذا دعني أسالك ، ماهي صفات الإله ، ومن أين أتيت بها ؟ كل ما اعرفه أن الإسلام لا يُفّرق بين منطقنا وبين منطق الالهه ، والقرآن الذي من المُفترض به أن يكون من اله ، وليس من خيال السيّد "الورّاق " يقول :
"لو كان فيهما آلهتان لفسدتا " و "لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء " ..إلخ ،، فهذه الاشياء لا تنطبق إلا علي البشر ، فلا تأتي لتتحدث بم لا تعرف له صفات ، ولا تملك عليه دليلاً ، ولا تعرف له معني ، وتطلب مني أن اصدق علي كل ما تقول حتّي ولو كان يناقض ويعارض [مصدر إيمانك] ، فهذا إدعاء أجوف أخرق ساذج سخيف ولا شيئ آخر
.
اصلا لم يبق شيء آخر من الاسفاف لتقوله لي ..
ومع ذلك : فالاصل أننا لا نعرف شيئا عن عالم الالوهية ، إلا ما
أخبرنا الله به ، ونقطة : لماذا يخلقنا وهو يعرف ما سنفعل ، لم يأتنا بها علم من
الله ، كذلك الشكل والماهية الالوهية : لم يأتنا بها علم ، و متى تقوم الساعة : لم
يأتنا بها علم . وهل هناك مخلوقات اخرى غير الجن والانس : لم يأتنا بها علم .. والمنطق
يجري على حسب العلم .. وكل ما علمتـًه تستطيع ان تمنطقه ، وما لم تعلمه لا تستطيع
ان تمنطقه .. و عالم الالوهية عالم غيب ، فكيف تـُجري المنطق على عالم غيب ؟ إلا
ما جاءنا توضيح فيه ..
فالناس يعرفون انه لا يصلح ان يدير الدولة او الشركة شخصان ، وإلا
لاستقل كل واحد منهما عن الاخر . هذا منطق نعرفه ، لكن هل هذه فقط هي حجة الله في
هذه الفكرة ؟ لابد ان نعرف علم الله حتى نجد الادلة الاخرى على عدم امكانية وجود
الهة اخرى مع الله حتى نجيبك على بقية الاسئلة عن عالم الالوهية . فالله لم يخبرنا
بكل شيء عنه ، و حتى بما أخبرنا الله به عنه ، فقد اخبرنا به على قدر استيعاب منطقنا
و عقولنا ، و لم يخبرنا بكل شيء ، بل يقول : (وما أوتيتم من العلم الا قليلا )
..
أسالك بالمنطق : كيف ندرك من ليس كمثله شيء بعقولنا الارضية ؟ كيف
ندرك الاول والاخر بعقولنا الارضية ؟ كيف ندرك ان يوجد الشيء من عدم بعقولنا
الارضية ؟ كيف ندرك من هو فوق الزمان ؟
انا اتكلم معك منطقيا ، فلسفها أنت : عالم ألوهية ( طبعا متخيل
بالنسبة لك ولكن تخيله!) ، هل فلسفيا ممكن ان يفهم أو لا يُفهَم ؟ حاول و قدّم هذا
الاله المنطقي المقنع لكي نقيس عليه الاله الموجود ! ستجد انه لا يمكن أن يـُفهم ،
وأنت تريده ان يـُفهم كما يـُفهم أي بشر !! وإذا لم يكن هذا ممكنا ، فقدّم البديل
المقنع عن وجود اله يفسر لنا كل شيء ، و لا تقل : انتظروا العلم ! لأن حياتنا لا
تنتظر .. و ما لم يقدّم له بديل لا يحسن بالعاقل ان يتركه حتى يجد افضل منه ، و
الالحاد لا يقودنا الى افضل ، بل يقودنا الى لا ادرية كبيرة مبطنة بأدريّة غير
منطقية تكره النقاش و الفلسفة وتحارب كل جمال في النفس البشرية ، وتريدنا ان نقر
بالفوضى كاساس في اصل الوجود، وبالتالي كاسلوب من خلال الصراع و السوبرمانية
والراسمالية .. اي تقدم لنا نموذج اسوء مما تركناه ، مع انه يفترض ان تقدم افضل ،
والعاقل لا يترك المفضول الا اذا وجد الافضل ، ولا يترك المفضول الى الاسوء أبدا
..
في القرآن ، الله استعمل منطقنا لما شاء ان يخبرنا عنه ، و لم يقل
: استخدموا المنطق وقيسوا على هذا ، كما يفعل المحد .. وإلا لماذا قال : ليس كمثله
شيء ؟ انت الان تقيس ما لم يـُعلم على ما يـُعلم ، مع أن المنطق يحتاج إلى علم ..
فكرة الألوهية منطقيا يجب ان تكون غير واضحة ولا مدركة بالكامل، وإلا لم تكن
ألوهية .. أنا أخاطب عقلك و خيالك الآن و دعنا من ايمانك .. هل تستطيع ان تتخيل
الها منطقيا ؟ حاول .. النتيجة سيكون بشرا ، لأنك تعمل بمنطق بشري . وهذا من اسباب
رفضكم لفكرة الالوهية ، لانكم تطبقون عليها المنطق البشري و يخرج في الاخير اوباما
او ساركوزي!
ايضا الله تكلم عن ملائكة وعرش وكرسي وجنة ونار وصراط ، واثبت
لنفسه يد و وجه وعين ، كل هذه لأجل التقريب لافهامنا ومنطقنا ، ولكن الله ليس
كمثله شيء .. ومن ليس كمثله شيء ، فايضا عرشه وكرسيه وعالمه ليس كمثله شيء .
الورّاق كتب:يجب ان نقف عند حجمنا كبشر ، نحن وجدنا و سوف نذهب ونحن لا نعرف شيء ، و لا ندري من ادخلنا في هذه الحياة و امتحاناتها الجبرية المستمرة و من الذي يخرجنا ، و لا ندري حتى ما هذي ذواتنا ، و من لا يعرف نفسه : كيف يريد ان يعرف الاله قبل ان يعرف نفسه ؟ هذا قفز الى المستحيل .. وخروج عن النطاق لا يتناسب مع العقلانية .. فكلمة اله لا تساوي رئيس دولة .. و كل عقلاني يعرف ذلك..
غريب هناك نحو ما يقرب 150 فصيلة من الخنافس في كل فصيلة 40.000 الف نوع مختلف ، هل هذه وجدت في تلك الحياة لتجتاز إختبار ما ؟؟
من قال لك أن هناك اختبار ؟
علي اي شيئ بنيت استنتاجك أن هناك من أوجدنا ؟
وفق اي منطق يريد الاله الوهمي خاصتك أن يجعلنا نؤمن به وهو يعارض منطقنا كما تدعي ؟
انا كلمتك عن عالم البشر .. فهل إما أن تقفز إلى عالم الالوهية أو
ترتد إلى عالم الخنافس ؟ دعنا في محيطنا . انا اثبت ان كل حياة الانسان ممر
اختبارات .. عليك ان تثبت العكس ، دون الخروج عن نطاق الانسان .
و أعود وأكرر : علم الله اوسع من ان نحيط به ،وخلق الله اكثر من ان
نحصيهم ونعرفهم حتى، دعنا ننقذ انفسنا ، دعنا نفهم واقعنا و انفسنا و مصيرنا . لسنا
آلهة يا سيدي ، ولا يغرك هذا القليل من العلم البشري المخلوط بالنظريات كما يخلط
الخمر بالماء . لندع الغرور ونفكر في ذواتنا ، ما مصيرها ؟ ما هدفها ؟ لأن الايام
تمشي بسرعة ولا تعود ابدا ، والامتحانات تسجل ولا تكرر .. فلا امتحان واحد مر عليك
ثم يعود بنفس الوضع .. ما غاية وجود انفسنا ؟ بل ما ماهيتها ؟ ما هي مصالحنا
الحقيقية ؟ وهذه هي الاهم ، كيف نسعد
انفسنا ونريح بالنا و نفهم اكثر ونستغل عقولنا بشكل اكبر ؟ و ماذا نعرف حقيقة ؟ ما
هو الشيء الواحد الذي نعرفه تماما المعرفة ؟ وماذا ما لا يمكن ان نعرفه ؟
البداية دائما هي من : اعرف نفسك .. مشكلة الماديين ان اخر شيء
يتكلمون عنه هو الذات البشرية ، فهم مشغولون بالذات الالوهية او بعالم المادة .
(نسوا الله فأنساهم أنفسهم) ، حتى صار الجسم اهم عندهم من العقل والروح ، بل
يرجعون العقل والروح الى الجسم المادي ، اي نسوا انفسهم بالكامل .. مع ان انفسهم
ليست هي عظامهم ولا دماؤهم ولا دهونهم ، فما اصدق القرآن ..
انهم حتى صاروا يتصورون انهم بلا ضعف ولا حاجة ، انهم الهة لم تتوج
بعد .. وما زالوا يفتخرون بهذا العلم .. كانوا في القرن الثامن عشر يفتخرون بنفس
الفخر ، و القرن التاسع عشر كذلك ، رغم الاختلاف الكبير في تطور العلم ، ولكن
الفخر لم يختلف ، والآن يفتخرون بنفس الفخر ..
و كانوا يقولون في التاسع عشر : انتظروا – ولو 30 سنة – فسيخبركم العلم عن
كل شيء بلا استثناء !
اوهام و وعود ، (يعدهم الشيطان ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا
غرورا) .. وهم يعرفون ان العلم لا يستطيع
ان يخبر عن كل شيء ، لانه مادي مرتبط بقوانين المادة الغير معروفة اصلا . و ما
علمنا الا علم المجهول ، وليس علم المعلوم ، و لك ان تتكلم كما تشاء ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق