@3bdolr7man ما هي فلسفة الالحاد ؟
في مدونتي حوارات طويلة ومتعمقة حول الالحاد وفلسفته ، لكن ببعض الايجاز : الالحاد ليس كيانا مستقلا ، بل هو غصن تابع لمنظومة فكرية . وهو نتيجة لتطبيق الفلسفة المادية التي لا تعترف الا بما هو مادي مدرك بالحواس وله جرم مادي . وبالتالي فالالحاد لا ينكر وجود الله فقط ، بل ينكر وجود كل شيء غير مادي ، كالروح والمشاعر والانسانية والاخلاق والعقل . لكنه لا يصرح بهذه الانكارات ، لكنها موجودة عمليا في تطبيقاته .
هو منهج تكذيبي لغير المدرك بالحواس . او المرتبط بذلك الغير مدرك . ومن ناحية اخرى : هو انفكاك من كل الثوابت التي تعرفها البشرية ، و ممهد بارتباط معاكس للارتباطات السابقة . لان الانسان لا يمكن ان يعيش حرا من كل شيء ، فهو مخلوق مرتبط وليس متحرر ، وليس بعد عبادة الله الا عبادة الشيطان . بشكل مباشر او غير مباشر ، من خلال تبني عكس ما يمليه الدين ، وهو ما يمليه الشيطان. لهذا تنتشر عبادة الشيطان والنورانية والكابالا والإيمو بين الملاحدة المتقدمين والاجيال الجديدة منهم . اي روحانية شيطانية .قال تعالى (الم اعهد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان) وهذا يعني انه لا يوجد شيء يدعى تحرر كامل ، فالإنسان مخلوق عابد ولكن ماذا يعبد ؟
الالحاد يمهد لذلك ، من خلال عبادة النفس التي تؤدي الى عبادة الشيطان .
@3bdolr7man ما هي سيكولوجية الملحد ؟
اثبتت الدراسات التي اجريت على ملحدين ، انهم الحدوا بسبب تذمرهم من الله الذي لم يحقق لهم كل ما يريدون و يشتهون . من هنا نفهم ان حب النفس والانانية واللذة والكسل والتكلف من الواجب ، سمات موجودة في تلك السيكولوجية . وكذلك النظرة المادية للسعادة اضافة الى التذمر من الاسلوب الخاطئ احيانا كثيرة في معاملة من ينتسبون للدين وشعورهم بالقسوة ، كردة فعل . يعني كأن دوافع الالحاد بين الشباب نفسية اكثر من كونها فكرية كما يدعون . ومن النادر ان يلحد احد بدوافع عقلانية منطقية فقط ، لان المنطق لا يقف ، والالحاد منطقة فراغ ، منطقة اللاشيء ، والعقل لا يقف عند اللاشيء والعدم . العقل انبنى على موجود ، فلا يقف الا على موجود . ولا ينطلق العقل من الموجود الى اللاموجود . اذن دوافع الالحاد اكثرها اجتماعية وتدور حول حب الذات والراحة وضعف الارادة في التخلص من الموبقات والالتزام بالواجبات الدينية والاخلاقية ، لاننا نجد الالحاد ليس خصما للدين فقط ، بل حتى للاخلاق ، ومن هنا نفهم انه هروب عن ثقل الالتزام .
يؤيد هذا انتشاره مع زيادة الترف الحضاري والرفاهية المادية . هذه اماني الشيطان التي يقدمها لهم ، ولكن واقعهم النفسي بعد الالحاد ليس سعيدا ، وان كانوا يظهرون العكس ، و هم على درجات في ذلك ، بسبب الشعور بالخواء الداخلي وفقدان الارتباط والجفاف الروحي والشعور بعدم جدوى الحياة وغياب الهدف السامي ، والاحساس بندم مجهول ومستقبل غير جميل . لهذا يركزون على الانغماس في متعة اللحظة وترك الماضي والمستقبل . كأنه لا يوجد شيء ممتع الا متعة اللحظة ، والباقي كله محزن. ولهذا اثبتت الاحصاءات تفوق نسبة الانتحار بين الملحدين في الغرب اكثر من المؤمنين ، مع انهم فرّغوا انفسهم لمتع الدنيا بدون قيد ولا منع ، مما يثبت ان سعادة الانسان في الجانب المعنوي وليس المادي وحده . قال تعالى (ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى، ونحشره يوم القيامة اعمى) .
وهكذا الدخول في افكار عالم الشر لا تنتج شيئا جميلا ، قال تعالى (ولاتتبعوا خطوات الشيطان) وسمي الشيطان شيطانا من الشطن ، وهو البعد ، فهو يبعدنا عن شعورنا وفطرتنا ويبعدنا عن الواقعية حتى ، لهذا يلجأ الملحد الى الخيال ، ولكنه خيال غير جميل . محاولا تعويض فقدان الله كملجأ بالبشر وعلمهم . فيعلقون امالا عريضة وغير منطقية على العلم بانه سيحل كل مشاكلهم واسئلتهم ، وهذا اثبات ان الالحاد لم يحل مشاكلهم ، بل زادها . و كانوا و ما زالوا يعلقون هذه الامنيات على العلم منذ القرن الثامن عشر ، ولم يؤدي العلم مهمته التي هي اكبر منه . لانه علم محصور بالمادة فقط ، والعقل نفسه غير مادي الوجود .
لهذا بدأت الأجيال الجديدة من الملاحدة تبحث عن نوع من الروحانية لكي تخفف من الخواء الداخلي والفراغ الروحي ، ولكنها لم تنجح ولن تنجح . لانها لم تفهم طبيعة الانسان ، هذا كل ما في الامر . انهم يعتقدون ان الاهتمام بالفن والموسيقى يقدم تعويضا عن روحانية الدين ، وهذا افتراض سطحي جدا ، لان المؤمن يتمتع بالروحانية اضافة الى التمتع بالذوق الفني ، والفن لا يعوض عن الدين ، مثلما ان العقل لا يعوض عن العواطف . الروحانية تعنى الانتماء والتواضع والخضوع ، وهذا لا يكون تجاه قطعة موسيقية او لوحة فنية ، من هنا صار هناك اتجاه سيكولوجي خفي داخل الملحد نحو الوثنية ، من باب التعويض ، كما فعل الوثنيون القدماء .
يريدون ان ياتوا بجديد ، ولكنهم لم ياتوا بجديد و لم يستطيعوا ، و كل مخالفة للطبيعة مصيرها الفشل ، وسوف يفشل الالحاد وتفشل الداروينية ، عكازته العتيدة ، التي اكل عليها الزمان وشرب دون ان تثبت وجودها في العلم القطعي . وينتصر الانسان في الآخر على المادة ، لانه اعظم منها ، بينما الالحاد يقول ان المادة اعظم من الانسان.
@3bdolr7man الاسباب المؤدية الى الالحاد ؟
ذكرتُ بعض الاسباب المؤدية إلى الالحاد ، و يبقى منها ايضا : التقليد الاعمى لما نتوهم انها مجتمعات متطورة ، تقدم لنا موضات في كل المجالات ، من الملابس الى الافكار . لكن اهم سبب لوجود الالحاد هو نفس اهم سبب لوجود الشر : هو غياب الخير . و غياب الفهم الواضح و المنطقي للايمان ، بعبارة اخرى : غياب الاسلام الحقيقي و تقديمه واضحا للشباب . دون تعسف او قمع فكري .. روح الاسلام الحقيقية كافية لتبديد افكار الالحاد وغيره عن من يبحث عن الحقيقة ، اذا قدمت له باحترام وحرية اختيار . وهذا الغياب او القلة ، سبب لكل الاخطاء والشرور وليس فقط الالحاد ، حتى داخل الدين نفسه ، ففي هذا الزمن الذي تتداخل فيه ثقافات ، لا يكفي الاعتماد على الدين بالوراثة .
@3bdolr7man مع الحل؟
هذا هو الحل الوحيد .. تقديم الاسلام بصورته الجميلة دون التلويثات البشرية ، هذا اهم حل ، اضافة الى اقتحام افكار الالحاد وكشف حقيقة معادنها ، و فضح انتسابها للحقيقة و العلم . نحتاج الى وعي جديد يتناسب مع هذا العصر . لأن الاستمرار في اهمال هذه الافكار الغربية الوافدة سوف يحول مجتمعاتنا تدريجيا الى نفس ما هو موجود في مجتمعات الغرب ، التي انتشرت بها تلك الافكار بالتدريج دون ان يقف فكر واعي في وجهها . وليس الردع والقمع الا حلولا مؤقتة لا تفيد كثيرا ، الاقناع هو المفيد ، وهو الادوم ، وهو القابل للانتشار . وهذا ما اتمناه ان يدركه كل مؤمن صادق يحب الاسلام و يحب الانسانية ايضا . فالاسلام للانسان قبل ان يكون الانسان للإسلام ، لان هذا سيكون باختياره اذا هو اسلم نفسه وحياته ومماته لرب العالمين عن اقتناع وسعادة .
واشكرك زميلي وتلميذي العزيز عبدالرحمن على نقاشاتك الهادفة والمثمرة ، واتمنى الا تتوقف .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق