الأربعاء، 13 يونيو 2012

حوار في موضوع: عمل المرأة، في منتدى اللادينيين العرب




أبوبدر :

صباح الخير الزميل الورّاق مع اجمل التحيات .
بالنسبة الى المرأة عندنا في عالمنا العربي والاسلامي فعملها له ايجابيات قبل زواجها ومن اهم تلك الايجابيات انها تستطيع ان تختار شريك حياتها بنفسها .
أما المرأة المتزوجة ان كان زوجها غير قادر على اعالة الاسرة لوحده فعملها واجب عليها للمساعدة في دعم ميزانية الاسرة اما ان كان زوجها قادر ماديآ فعملها لا داعي له ومشاكله كثيرة وخاصة انه يهدد بقاء الاسرة واستمراريتها .
تحياتي لك :f0:

الرد:
كلام جميل جدا ..
-----------------------------------------------------------------
الغريب بن ماء السماء :

تحيّة طيّبة،

النظرة الذكورية المتعالية واضحة جدّا في هذا المقال، حيث تحاول إيجاد تبريرات وأعذار للفرق بين الرجل والمرأة وإعادة كلّ منهما إلى وضعه القديم القائم على الموروث الديني، بيد أنّي لن أناقش هذه المسألة وإنما أودّ التوضيح أنّه يوجد خلط في هذا المقال بين المساواة والتماثل والحرية.
فالتماثل أمر غير ممكن حيث من المستحيل أن تكون المرأة مثل الرجل، أو الرجل مثل المرأة، فهناك اختلاف بيولوجيّ بينهما، وقد تقدر المرأة على أشياء لا يقدر عليها الرجل، والعكس بالعكس، بل أنّ التماثل لا يكون بين الرجل والرجل أو المرأة والمرأة، فهناك رجال لا يقدرون على أشياء يقدر عليها غيرهم، وقس على ذلك من الأمثلة.
أمّا المساواة فهي لا تعني التماثل مثلما يذهب في خلد الكثيرين، لا يطالبون المرأة أن تصبح مثل الرجل، أو الرجل أن يصبح مثل المرأة، دون الأخذ بعين الاعتبار الفوارق التي قد تكون جسديّة في بعض الحالات، أو عائليّة، أو بيولوجيّة، إلى آخره وإنّما المقصود بالمساواة هو تكافؤ الفرص.
وتكافؤ الفرص يقوم على مبدأ الكفاءة والأحقيّة، فحين يتقدّم رجل وامرأة إلى وظيفة، فإنّ على صاحب العمل أن ينظر فقط إلى كفاءتهما وأيّهما يملك القدرات اللازمة والتقنية، لا أن ينظر إلى جنسهما، فيقدّم الرجل على المرأة ويرفضها،
 ومبدأ تكافئ الفرص ينطبق أيضا على الدين واللون والأصل، وليس على الجنس فقط، وهذا كما لايخفى يؤدّي إلى دفع عجلة الاقتصاد بما أنّ العاملين سيكونون من اصحاب الكفاءة.
بينما الحرية هي شخصيّة، فقد تتزيّن المرأة وتلبس ما يحلو لها، وقد تتنقّب وتلبس ما يحلو لها، فكلّ حرّ في اختياراته الشخصيّة، ما لم تتعارض هذه الاختيارات مع القانون، وهذه الحريّة الشخصيّة لا علاقة لها بالمساواة (او تكافئ الفرص) ولا علاقة لها بالتماثل.
أردت توضيح هذه النقاط الثلاث، وربّما أعود لأتناول جوهر المقال عن عمل المرأة
الرد:

قبل قليل تقول ان هناك اعمال تناسب المرأة ولا تناسب الرجل ، والآن تقول ان على رب العمل ان ينظر الى الاحقية والكفاءة ، دون النظر الى الجنس .. سواء كان ذكرا ام انثى ! و في هذا تناقض أخلّ بمفهومك عن المساواة ..

موضوعنا لم يكن عن فكرة تكافؤ الفرص ، الموضوع هو ان هناك من يقولون ان على المرأة ان تخرج من منزلها  لتعمل سواسية مع الرجل ، لان الرجل يخرج للعمل ، وكأنهم ينظرون اليها في هذه الحالة عبارة عن رجل يجب ان يعمل خارج المنزل ، ناسين مهامها و اعمالها الاساسية في المنزل ، ولأن بيتها عبارة عن اربعة حيطان ومكمن للتخلف والجهل .. لتخرج للعمل تماما مثلها مثل الرجل ، من باب المساواة .. وإلا سيحكم عليها بأنها جاهلة وغير مثقفة .. و ليست القضية هي وظيفة شاغرة من يـُقبل فيها رجل او امراة .. وهذا الاسلوب من باب استغلال حب المرأة للسمعة الحسنة والإطراء الاجتماعي ..  

مفهومك عن المساواة هذا ليس هو المطروح في الساحة ، و ليس هو مدار الخلاف بين الناس . دعاة المساواة يضغطون على المرأة و يخوفونها من المستقبل و يسخرون من المراة التي تعمل في بيتها ، ويصفونها بالجهل والتخلف ، وكما قلت انت بخضوعها للفكر الذكوري السلطوي و بقية عباراتهم المكررة والمستوردة ، لانها لم تلحق ركب المراة الاوروبية .. ليست هنا القضية في تكافؤ فرص العمل .. القضية هي ضغط ايديولوجي يحمل اهداف تتعلق بامور اخرى ، بعبارة اخرى : لم يتركوا المراة وشأنها إن أرادت ان تعمل خارج المنزل او ارادت ان تعمل داخل المنزل .. و في هذا تعدي على الحريات لغرض ايديولوجي .. يراد منه تغيير وجه المجتمع دون تركه لينمو كما يريد ..

تكافؤ الفرص الذي تتكلم عنه ، هو في مقر العمل ، و راجع لرب العمل ، ومن حقه ان يقبل امراة او يقبل رجل .. ويحق له ان يفرق بينهما لأنه ينظر الى مصالحه وحسبما يرى من هو ينتج اكثر : امراة او رجل .. و قضية المساواة في الفرص ، هذه قضية باردة وضعيفة ، و تلك الحواجز في امور محددة وليست في كل شيء ، كما ان تلك الحواجز يمكن اختراقها ايضا .. و بكلامك عن الاعمال المناسبة للرجل و للمراة ابطلتَ هذه الفكرة ، فكيف تكون مساواة فرص مع ان هناك اعمال مناسبة للرجل واعمال مناسبة للمرأة بشهادتك انت ؟ هنا فككتَ بنفسك فكرة تساوي الفرص والتي سمّيتها قضية المساواة ..

اذا نظرنا الى مجال العمل ، نجد ان هناك مساحة كبيرة لتساوي الفرص بين الجنسين ، و الواقع و التاريخ مليء بذلك . فهناك نساء قدن الجيوش و نساء ترأسن دول اسلامية حتى ، بل لا يعدم اي مجال عمل الا وجد ان المراة وصلت اليه ، من الصعب الحجر على التفوق والابداع والارادة ، فالمتفوق يفرض نفسه ، والعمل والمصلحة تتحدى الكثير من المفاهيم المترسبة . و لو ابدى طالب لم يتخرج بعد تفوقا باهرا ، لجلس في مجلس ادارة الجامعة ! أو اكثر من ذلك .

اذا البراعة والابداع تخترق دائما حواجز عدم تساوي الفرص . اي يمكن ان يُختـَرق رغم من لا يريدونه ان يُخترق .. و كم كان هذا الحاجز بحد ذاته دافعا قويا لاظهار القدرات والتمكن ، والتي لا تظهر لو لم يكن موجودا ، والتاريخ يحفظ نماذج لفقراء بل و عبيد مماليك في الماضي استطاعوا ان يجلسوا في مجالس الملوك ، بل انهم استطاعوا ان يكونوا هم الملوك ، كالمماليك مثلا و الاخشيديين ، و يكونوا قيادات ثقافية و دينية ، رغم وجود حاجز عدم تساوي الفرص ، و هو في الحقيقة حاجز وهمي ، و دعاة المساواة يركزون عليه كثيرا ليس لانه قضية بحد ذاته ، بل ليجعلوه وليجة ليظهروا المجتمع بانه ظالم للمراة وهاضم لحقها وسجان لها و و إلخ .. ويشتكون بدلا عن المراة ، وفي العادة صاحب القضية هو من يشتكي ، وعجيب ان يطالب لك غيرك ، فاكثر دعاة المساواة رجال ، و بدأها في الغرب رجال ، و هذا بحد ذاته كاف لاسقاط الدعوى لان صاحبها لم يحضر ..

انا مثلك اطالب بتساوي الفرص للجميع ، سواء بين الجنسين ، او في الجنس الواحد ، حيث توجد تفرقة احيانا ليست مبنية على الكفاءة والاحقية .. لكن انا مع احترام قيمة المنزل و دوره ، ومركزية المراة فيه . حيث يسند هذه الفكرة ليس البيولوجيا فقط والاطفال ، بل حتى شهادات الكثير من النساء ..   

 ثم الامر المثير للابتسام ، هو ان المطالبين بمساواة الفرص هم الذين ملئوا الساحة بقيود تحد من تساوي الفرص !! و هي قيود الشهادات الدراسية الاكاديمية ، والتي بموجبها يحددون العمل ، وهو تحديد فضفاض و قلما يصيب .. ولا تعني باي حال من الاحوال الاجادة فضلا عن الابداع في هذا المجال ، و كم من شخص لم يحصل على شهادة لسبب ظروفه ، حُرِم المجتمع من ابداعه و تمكنه لانه حُرم ان يدخل في ذلك المجال الذي يحبه ، وحرم من ان يستفيد من المختبرات والخبرات المتعلقة بذلك المجال ، كصورة مؤسفة لعدم تساوي الفرص التي يقدمها الفكر الغربي .. و ياتي للمراة ليساويها بالفرص بعد ان قتل اكثر الفرص حقيقة على الجميع !! و يترك الذي يشتكي مثل ذلك الشخص ، و يذهب لينقذ ذلك الذي لا يشتكي !! وهكذا يفعل من يريد ان يوجد مشكلة من لا مشكلة .

والفرق بين عدم تساوي الفرص الذي يحاربه الفكر الغربي ، و عدم تساوي الفرص الذي يقدمه الفكر الغربي ، هو ان النوع الاول يمكن اختراقه ، كما ذكرتُ من نماذج ، اما النوع الذي يقدمونه من عدم التساوي في الفرص ، فلا يمكن اختراقه باي حال من الاحوال !! الا بوضعٍ خارق للعادة مثل ذلك الطالب صاحب العبقرية النادرة الذي تحدثنا عنه و الذي تفوق على الاساتذة و الذي يقدم علوما جديدة لم تعرفها الجامعة .. و بعد ان يشتهر اعلاميا ، فإن اخر من سيقبله هو مجلس الجامعة إن قبلوه !!

فحواجز عدم المساواة في الفرص التي يقدمونها اكثر صلابة من حواجز عدم المساواة في الفرص التي يحاربونها !! فالفرّاش لا يمكن ان يصير مديرا باي حال من الاحوال ، حتى لو كانت قدراته افضل من المدير ، الا اذا احضر شهادات مختومة ..

الادراة قدرة طبيعية فما شأن الشهادات بها ؟ إن ربط العمل بالشهادات والتزكيات لهو ابشع صورة لعدم تساوي الفرص .. لأن إمكانية الحصول على الشهادات ليس فيها تساوي ، فمن يملك المال يستطيع ان يتعلم بأحسن المدارس والجامعات ، وأما الفقير و صاحب الظروف الخاصة فلا يستطيع ، والشهادة لا تعني الكفاءة باي حال من الأحوال ، والواقع يثبت ذلك ..  فاين هو اذاً تساوي الفرص المزعوم ؟

الفكر المادي هو بيت الاغنياء ، و هو فكر بـُني على اساسهم وليس على اساس الضعفاء .. على العكس من الفكر المبني على القران ، لانه مؤسس على الضعفاء وليس على الاغنياء .. الفكر الغربي يدل بيوت الاغنياء فقط ليخدمها ، و من أسسوه كانوا راسماليين وأغنياء ..        

يا اخي لا نستطيع ان نكتب مقالا على الانترنت يتعلق بحياتنا إلا و يخرج من المتاثرين بالغرب ، ليقولوا لك : ما هي شهاداتك حتى تكتب في هذا الاختصاص ؟ فله مختصون هم الاحق بان يتكموا فيه ! حتى ولو كان عن النفس البشرية التي املكها كما يملكها غيري .. فصاحب الاختصاص له الحق في ان يتكلم عن نفسي وعن جسمي وعن عقلي وعن كل شيء يتعلق بي ، فأنا كإنسان ملكٌ للمختصين كقطع غيار مفككة ، كلٌ يتناولني من جانب ، ولا شأن له بالجوانب الاخرى ..

و لست ملكا لنفسي !! هذه نتائج الفكر المادي التفكيكي .. انا اكتب الان وانا سارق من وجهة نظرهم ، فمن انا حتى اتكلم عن نفسي ، فضلا عن ان اتكلم عن الفكرالغربي ، و من انا حتى انتقد فكرة المساواة ، ومن انا حتى اتكلم عن المجتمع ، فأنا لست مختصا لا في المجتمع ، ولا في علم النفس ولا في الثقافة الغربية ، ولا التاريخ ولا ولا .. 

 الان نطالب دعاة المساواة بمساواة فرص ٍ بالكلام قبل العمل !! اذا الفكر المادي الغربي المعتمد على المطالبة اليهودية بمساواة الفرص ، لانهم كانوا منبوذين ، هذا الفكر نفسه هو من يضيّق على المساواة في الفرص اكثر مما يفتحها .. وتستطيع ان تتامل هذا اذا ابتعدت عن التعصب لفكرتك ..

ضغط التخصص والشهادات جعل الناس يطالبون باعطاء مساواة فرص و لو على مستوى التفكير والكلام على الاقل . الفكر الغربي مثل شبكة الصياد : يبدا من الاوسع حين يرمى الشبك ، و ينتهي بالاضيق اذا رصّت الاسماك في الصندوق ! مثل فكرة الحرية : تقدَّم على انها للجميع ، ثم تتقلص في الاخير لتبقى حرية الراسمالي بعد ان كبـَّل الاخرين بالديون . مسيّري الفكر الغربي ، يرمون شبكة الصيد على فضاء واسع ، و لكن حبالها بايديهم ، ليقلـّصوها كما شاءوا ..      

.
--------------------------------------------------
منور :

كتب الوراق :
هناك فرق واضح بين عمل المراة عموما ، و بين عمل الزوجة .. فليست كل امراة زوجة و لها اولاد ، بالتأكيد يوجد فرق بين الوضعين . فالمرأة المتزوجة والتي عندها بيت و اولاد ، هذا عالم بحد ذاته . واذا كان الزوج يستطيع إعالة العائلة فلماذا لا يعتبر عمل المراة في بيتها عملا ؟ و اي عمل ! هو عمل لا ينتهي . و مجال التطوير والابداع فيه لا ينتهي ، والتربية لا تنتهي . وتبادل الخبرات فيه ايضا لا ينتهي .


هنا يميز الشيخ الوراق بين المرأة المتزوجة ، والغير المتزوجة ، ويقول على المتزوجة ، أن تهتم في عمل البيت !!؟؟. ولكن لم يقول شيئاً عن الغير متزوجة بالنسبة للمساواة ، وبالنسبة للعمل . !!؟؟ لماذا يا زميل ؟

الرد:
مع الشكر .. أنا لست شيخا ولا أحمل هذا اللقب ولا أستحق أي لقب لأني لست مختصاً لا بعلوم الدين ولا بغيره ولا بأي مجال , ولا أحب أن أكون مختصاً بشيء , لأن الاختصاص بشيء يحرمني الاهتمام بكل شيء , ومعرفة الشيء تحتاج إلى معرفة كل شيء.


أنا ذكرت المرأة المتزوجة من باب الضرورة أولاً , لأن عندها منزل وزوج وربما أولاد , هناك أرامل وهناك من لم توفق بالزواج , هناك من تعول والديها , أنا لست ضد عمل المرأة , لكن أنا أريد إنصاف المنزل , وعدم التقليل من شأنه فهو عمل بحد ذاته , وأن لا يقال عن ربة المنزل أنها عاطلة عن العمل , والمرأة المحتشمة في أي مكان ستحافظ على نفسها وستكف أذاها بالإغواء عن الآخرين , ولا يعني أن كل من تبقى في المنزل أنها محتشمة , فالمسألة مسألة نيَّة وليست مسألة قيود وحدود ومواقع , والمقال لم يكتمل كما ترى , وانا انشغلت بالردود ولم أكمل الموضوع .. فمعذرة لك وللبقية من القراء الأعزاء .

منور :
كتب الوراق :
والفكرة العلمانية ان المراة التي تعمل في بيتها تـٌقدَّم على انها امراة جاهلة وتعاني من الفراغ وغير ناجحة في المجتمع وغير عصرية ،
.

هذا غير صحيح ياشيخ ، العلمانية لا تعتبر المرأة التي تعمل في بيتها جاهلة . العلمانية تطالب بحق التعليم للجميع والزامية التعليم أيضاً .
ولكن يبدو بأنك تريد أن تلصق بالعلمانية ما هو بغيرها .

الرد:

أنا أتكلم عن العلمانيين وليس عن العلمانية , ولا تحيلني إلى الويكيبيديا , استعرض ردود من ينتسبون للعلمانية لترى هذه الفكرة , أنا  لا أؤمن بالفصل بين الأفكار اليمينية الغربية فكلها وجوه لشيء واحد , العلمانية , الفردية , الرأسمالية , الليبرالية .. الخ , ومن أخذ واحدة منها لزمه الباقي عاجلاً او آجلاً .

كل فكر يعرِّف نفسه بأفضل شكل , والعلمانية هي فصل عن الثوابت , فقيمة الأسرة من الثوابت التي تتجاوزتها العلمانية كما تجاوزت أشياء أخرى قد تكون أهم من هذا الشيء, والعلمانية تعني الحركة والتغيُّر بحجة أن المجتمع يبحث عن الأفضل بنفسه , فالعلمانية لا تملك أفضل ولا تعترف بوجوده , وهذه الحالة تجعل المجتمع يتحرك بلا أهداف مسبقة من باب تجريب الخطأ أو الصواب (المصلحة) , أي كأنك تقول لشخص انفصل عن ثوابتك وانطلق إلى الشارع ومرر نفسك على كل الأوضاع وتذوق الحياة بنفسك , جرب ما يسمى خير وما يسمى شر ثم احكم , وبدل وغيِّر كما تشاء فلا وجود لكليهما وليس هناك إلا أنت فأنت الإله وأنت الحكم ..
مع العلم أن حكم الإنسان دائماً مرتبط بالمؤثرات والظروف , ويتغير بتغير الظروف , أي حالة تسيب كاملة من الثوابت (بدائية جديدة) ومناقضة لفكرة التطور التي تبناها الغرب , والتناقض أمر معهود في الفكر الغربي .. أي عدم الاستفادة من كل تجارب البشرية السابقة وما وعاه الوعي الإنساني إلا في مجال المادة (المصلحة) لأن فيه مصلحة مادية مباشرة ..

وكل هذا حرق للتاريخ الإنساني بكل صوره إلا المادي منه لأن فيه مصلحة مادية وهي التي يُعترف بها هناك فقط كتجارب بشرية مفيدة , أما التجارب الأخلاقية والدينية فلا تعتبر تجارباً إنسانية , وكل الزوبعة الفكرية هناك هي لهدم هذين الأصلين أصلاً , مما يعني العودة للبدائية التي يرددونها ويعتقدون أنهم تجاوزوها , مع أنني لا أصُدِّق بفكرة الإنسان بدائي فضلاً أن يكون متطوراً .



منور :
وسأذكر لك ما هي العلمانية ، حتى لا تفسر العلمانية على كيفك :

الدولة القائمة على مبادىء العلمانية، فهي دولة كل المواطنين بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو العقيدة .... الخ .
إذا المساواة التامة بين الجميع رجل وامرأة ، متدين ولا ديني أو ملحد ، يميني ويساري وليبرالي .. الخ .

لماذا لصق التهم هكذا ورمي الكلام على عواهنه ، فمن أين أتيت بما كتبته أنت وهو :

تم تجاهل هذه الفقرة ...


كتب الوراق :
والفكرة العلمانية ان المراة التي تعمل في بيتها تـٌقدَّم على انها امراة جاهلة .


هذا غير صحيح .
باختصار ، في هذا الموضوع أتفق مع ما قاله الزميل الغريب بن ماء السماء ، وأود أن أضيف عليه حتى لا يكون تكرار :
المساواة الى جانب تكافىء الفرص هي :

ــــــ المساواة في المواطنة أي المساواة يالحقوق والواجبات ، وبالتالي المساواة أمام القانون ــ الدستور ـــ ، وهذا يأخذنا الى :

ــــ المساواة بالأرث .
ـــ المساواة بالترشيح والانتخاب الى كل المستويات كما الرجل .
ـــــ أيضاً المساواة في القضاء ، كمدعية ، وكشاهدة ، وكقاضية أيضاً .
ـــ المساواة في العصمة . ( وهنا أذكرك : الاسلام يعتبر المرأة جاهلة ـــ ولذلك كما قلت أنت في مداخلتك : و كون الرجل قوّام على المرأة ) .
بالله عليك ياشيخ الوراق من الذي يعتبر المرأة جاهلة ؟ ، ولماذا الرجل قوام ؟ لأنها جاهلة ) .

الرد:
هذا غير صحيح ، هل مديرك صار هو المسؤول و لست انت بسبب جهلك و قصورك الفطري ؟ المسألة مسألة ادوار فطرية ، و هذا الشيء لم يصل اليه فكر السوق الغربي ، و إلا لما خطّأتني أصلا ، لأن قولهم الفصل ، فالغلطة غلطتهم .   

منور :كتب الوراق :
ومن ناحية اقتصادية : عمل المرأة في المنزل يكفي انه وفـّر الخادمة ومشاكل الخادمات ، وهو مجال للتوفير الاقتصادي ،


عندما تتم المساواة بين الرجل والمرأة أمام القانون ، ومنها حقها في العمل كما الرجل ، فهي التي تقرر أو هي وزوجها أن تبقى في عملها أو أن تبقى في بيتها .

نقطة توضيحية : المرأة العاملة يكون وضعها الاجتماعي والاقتصادي أفضل لأنها مستقلة اقتصادياً ، وعندما تكون مستقلة اقتصادياً ، تكون قراراتها سليمة وتقرر بحرية ومسؤولة عن قراراتها ، وليس العكس أن تخنع للرجل لأن الرجل قوام ، وبالتالي يوجد من يقرر عنها .

الرد:
هذه وجهة نظر تزيينية تتجنب السلبيات ، لهذا لا يعتد بها كثيرا .

منور :كتب الوراق :
كذلك في مجال الثقافة ، فالمرأة التي تريد ان تتثقف ، بيتها افضل مكان لها ، فما الذي يمنعها من اقامة مكتبة جميلة ؟


لماذا تضع نفسك يا زميل بأعلى من جميع النساء وأنت الذي يعرف بأكثر منهن ، كيف تتثقف المرأة وأين تتثقف ... الخ .؟؟!!

الرد:
انت من وضعت نفسك قبلي !! وعرفت ما يصلح للمراة  وما لا يصلح !! وكان البيت هو الضحية !! فلماذا تحرّم على غيرك ما تجيزه لنفسك ؟؟!! يحق لكم ان تتكلموا عن المراة ولا يحق لغيركم الكلام عنها !!

منور :كتب الوراق :
هذه النظرة الاسلامية لعمل المرأة تخفف او تقضي على المشاكل الزوجية التي تنشأ بسبب المال ، و للمعلومية من اكثر اسباب الطلاق في الغرب : المشاكل الاقتصادية ، و سببها هو الاختلاف على من يصرف اكثر على المنزل .. و كل طرف يتهم الطرف الاخر بالتفريط بالمال بطريقة انانية .


هذا الكلام أيضاً غير صحيح ، أذهب الى أي قصر عدلي في دول اسلامية ، وستجد وتسمع العجب العجاب في مثل هذه القضايا . واسأل عن الأولاد المتسولين ، والذين في الشوارع .... الخ .

الرد:
عمل المراة هو اكبر مصدر للدخل .. والذي سبّب الصراع السابق ، سواء في دول اسلامية او غربية .  

منور :
سأسألك سؤال : هل إذا سمعنا عن اصطدام قطارات مرات كثيرة ببعضها ، نستنتج من ذلك لأنها دول علمانية ؟ ما تقوله ليس بسبب العلمانية وإنما عليك بدراسة كل مجتمع على حدة لتستنتج أفضل .

الرد:
انت تكلمت عن دول اسلامية قبل قليل !! لماذا لا تدرسها كلاً على حدة ؟؟ 

 منور :كتب الوراق :
و لو زرت حياة الازواج الذين يتصور المجتمع انهم يمارسون المساواة ، ستجد سيطرة احدهما على الاخر بطريقة او بأخرى ، مما يعني انه لا وجود حقيقي للمساواة . و المساواة تُطلب في حالة الصراع ، والزواج الطبيعي ليس صراعا بل وئاما ، اي وئام يحتاج إلى تبعية .


هذا غير صحيح نهائياً ، لماذا لايمكن أن تكون هيئة تقود ، والهيئة تتخذ قرار ، وكذلك الهيئة الزوجية تقود وتتخذ قرار .

الرد:
لا يحدث هذا ، إذا عليك ان ترفض كل السلم الوظيفي و مراتبه و تكون الوزارة مثلاً عبارة عن هيئة يتكلم فيها الوزير بعد ان يتكلم الفرّاش أو قبله ، على مبدأ الهيئة و المساواة !! بل حتى اللجنة يعيَّن لها رئيس ، سواء بالفرض او بالترشيح ، لا فرق في هذه الناحية ، والمنتدى الذي نكتب فيه له مدير ومشرفون ، وانا وأنت نخضع لسلطتهم راضين بشكل او بآخر .. حتى منتديات العلمانيين ودعاة المساواة ليست على شكل هيئة كما تتخيل .. بل لها رئيس ونائب ومشرفين إلخ ،  و الرئيس يطلب التبعية من الاخرين بشكل او بآخر ..

سرب الطيور له قائد اذا التفتنا إلى الطبيعة وبعد ان تأكدنا من وجود تبعية في الواقع .. قطيع الغزلان له قائد او قائدة .. اذا انت تعاكس كل شيء ، وليس الواقع فقط ، بل الطبيعة ، وتقولون ان فكركم واقعي و طبيعي !!.. و هكذا نرى أن هذه الفكرة الماسونية فكرة ذات هدف معين ليس الا ، ولا تعتمد على اصل فلسفي ثابت .. لهذا اقول : ان الفكر الغربي كله وليست هذه الفكرة فقط ، غير مؤصّل منطقيا ولا فلسفيا ولا طبيعيا ، لسبب بسيط : وهو انه يعتمد على اللذة والمصلحة ، وهاتان منفصلتان عن القواعد ، يلامسانها احيانا ويبتعدان عنها احيانا اكثر ..

العقل المنطقي لا يستطيع ان يقبل الفكر الغربي كفكر يعتدّ به عقليا .. فالهوى ليس له فكر .. وأم شيء عندهم و في فكرهم هو اتباع هوى على شرط ألا يضر هوى اخر .. بشكل مباشر على الاقل ، وإلا فالهوى لا بد ان يضر هوى آخر بموجب المنطق .. 

انت تعاكس الطبيعة والواقع بهذه الفكرة الغير طبيعية ذات المنشأ الماسوني .. و النابعة من مشكلة خاصة بأقلية يهودية .. لم تكن تُعامل بالمساواة .. اذا لا بد للبيت من قائد ، فليس هو باقل شانا من سرب الطيور ولا وزارة ثقافة او سياحة ، او شركة حمامات سباحة ..

منور :
ولكن ما أقوله لك هنا المساواة ، تختلف عن المساواة التي ذكرتها أنت. أنا أتكلم عن المساواة أمام القانون ، المساواة بالمواطنة . أما بالبيت هذا شأنهم مين فوق ومين تحت هم أحرار ، :97:وشلون وكيف .
الرد:
الفكرة الصحيحة هي القابلة للتعميم ، وبما ان هذه الفكرة غير قابلة للتعميم اذا هي غير صحيحة . المساواة في القانون والحقوق والواجبات والانسانية كلها ضمنها الاسلام ، على اعتبار النوع الانساني كبشر ، ولا اعتبار للجنس هنا .. في حين راعى الفروق بين الجنسين ، لأنهما جنسين و ليسا جنسا واحدا ، و لم يخلط الحابل بالنابل .. للمرأة كما للرجل ان تختار شريك حياتها دون الزام او تنفصل عنه دون الزام ، و ان تشتكي احدا عند القاضي دون حظر .. و ان تعمل خارج المنزل او لا تعمل حسب ما ترى هي ، و بعد اذن زوجها ، وإلا حصل النزاع والصراع ، فكما اثبتنا : لا بد من تبعية .. بقانون الطبيعة ولا يمكن الاستغناء عنها .. فأين المشكلة ؟؟

كونها شاهدة ، ليس فيه اسقاط حق لها ، لأن الشاهد ليس له مصلحة ، و اذا كان له مصلحة فلا يعتد بشهادته  ، كذلك الرجال في بعض القضايا يشترط وجود شاهدين و ليس واحدا ، فهل يغضب ويصرخ ذلك الواحد لانه لم تقبل شهادته لوحده ؟ والشاهد ليس له مصلحة بما يشهد ، فهو لن يتضرر بشيء ، اي ليس فيه ميزة ، بل راحة .. الشهادة واجبات وليست حقوق ..

وهل الاسلام يرفض مواطنة المراة ولا يعطيها الجنسية ويعتبرها بدون ؟؟

من يخلق المشاكل من عدم ، لا بد ان له مصلحة خفية في ذلك .. انا لا اتكلم عن التجاوزات ، من الازواج او الزوجات ، وحتى في البلدان التي انتجت فكرة المساواة ، انا اتكلم عن الفكر ..

وربط التسلط بالتبعية ، هذا ربط غير سليم منطقيا .. من يعتمد هذه الفكرة كأنه يقول : اي تابع سوف يظلمه المتبوع حتما ، لأن له سلطة عليه .. أولاً : لا توجد سلطة مطلقة لاي احد على احد .. وهذه الناحية لا يحب الليبراليون ان يركزوا عليها . أعيد و أكرر : التبعية دائما جزئية و ليست كلية .. الظلم ليس مرتبطا بالتبعية .. بدليل حصوله من التابع على المتبوع في بعض الاحيان .. فإحصاءات في بعض الدول العربية اثبتت تفوق نسبة النساء اللائي يضربن ازواجهن بفارق كبير !! اي : التابع يضرب المتبوع !! و الضرب ممنوع و يعتبر اعتداء مهما كانت دوافعه .. و لم نأتي لقتل المتبوع من قبل التابع !!

اذا الظلم ليس مرتبط بفكرة التبعية كما يحاول الفكر المادي ان يصوّر لأجل ان يمرّد الزوجة على زوجها ..

التبعية المخلصة تُضعٍف دافع الظلم وتعزز جانب الشكر والمحبة مما ينعكس مودة ومحبة .. فلا تجد دافعا لان تظلم احدا وهو يعاملك معاملة طيبة الا ان تختلق شيئا من عندك .. و من هنا التبعية تخلق الوئام ، و أنا أقصد بالتبعية : التبعية على حق ، لأن متابعة الظالم تجعل منك ظالما مثله .. الفكر الغربي دائما يدعو للتمرد و يكره فكرة التبعية لانها تصنع الوئام .. و تقطع الطريق على امبريالية ذلك الفكر وراسماليته ..

اشاعة فكرة المساواة تساوي اشاعة فكرة الصراع .. المفروض ان نشجع على الخير والحق ، سواء كنت تابعا ام متبوعا .. ولا ننظر للاشياء باشكالها الخارجية بل بمضامينها الداخلية .. والعقلاء لا تخدعهم فكرة المساواة الغربية لأنهم يعرفون انها من الخيال الغير جميل ايضا ..

لاحظ ان الشيطان اضل ادم بفكرة المساواة ، لكي نعرف منبع الفكرة : ( ما منعكما ربكما عن تلكما الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) .. اي متساوين مع الملائكة في العلم و الخلود .. و كذلك سجود الشيطان لآدم ، فهو يريد ان يساوي نفسه بآدم الذي امر بالسجود له .. في حين لم يؤمر آدم بالسجود لإبليس  ..

والقرآن لم يحدد أي تحديدات عن السياسة أو الادارة ، إلا فكرة (امرهم شورى بينهم) ، والتي تحمل المساواة في الراي بين الجميع ، و ليس لمختصين او علية قوم ممن يملكون المال والاعلام ، كما هي الحال في الغرب . ولم يذم القرآن مملكة سبأ لأنهم تحكمهم امراة ، بل لانهم يسجدون للشمس ، و تلك المراة السياسية العاقلة آمنت مع سليمان ، بينما كفر فرعون السياسي الرجل ، و اضل قومه معه .. و نجت ملكة سبأ بالتبعية الطبيعية لسليمان .. وهلك فرعون بفكرة الاستقلالية بعد المساواة ، لأن اي مساواة تخلق استقلالية ، و هي نتيجة منطقية للمساواة .. فاذا تساوت المراة مع الرجل ، استقلت عن الرجل واستقل عنها ، حتى لو كانوا في بيت واحد ..

والاستقلال يفتح باب الصراع على مصراعيه ..

الشيوعية وما جلبته من صراع و مآسي ، قائمة على فكرة المساواة بدقتها .. إلى درجة الشيوع في كل شيءحتى في ممارسة الجنس في حالاتها المتطرفة ..                 

منور :كتب الشيخ الوراق :
إذاً في الحقيقة : اعماق المرأة ترفض المساواة قبل ان يرفضها الرجل ،


يا سلام ، كيف استخلصت ( إذاً في الحقيقة ) ؟ ،
غريب يا زميل ، هل تعرف أن المرأة التي ترفض المساواة، هي المرأة المغيبة ، المهمشة ، وكما يقال بالبلدي المرأة مكسورة الجناح . أما المرأة المتعلمة الحرة تناضل من أجل أن تحصل على المساواة .

على كل حال نقاط كثيرة وفيها خلط ومغالطات ، في مداخلتك يا زميل الوراق ، ولكنها تدور حول شيء واحد ، وهو إن المرأة مكسورة الجناح ويجب أن تبقى كذلك من أجل أن تنضوي تحت جناح الرجل ، لأن الدين يقول ذلك : ( الرجل قوام على المرأة ) .

عذراً على الاطالة
 تحياتي
الرد:

هذا التحليل هو الراسخ في ذهنك ، و يتبادر اليه اول ما ترى كلمات "امراة" و "اسلام" و "عمل" .. لا يبدو انك تنطلق من اي شيء ذكرته انا في الموضوع سوى النظرة المسبقة و الكليشة المعتادة الجاهزة في التقديم اول ما ترى كلمة اسلام : (تريدون السيطرة على المراة) ، ( تريدون الرجعية ) .. إلخ ..

.. فاستمر عليها كلما رأيت : إسلام .. إمراة .. عمل ، أعد هذه العبارة .. واعتبر نفسك فكرت في الموضوع و حللته بدقة ..  


--------------------------------------------------

نيورون :

السيد الورّاق
في الحقيقة من تجربة شخصية، وأحصائيات، أري ان عمل المرأة سواء أن كانت متزوجة أو عازبة هو شيئ مهم، يكون شخصيتها...
مثلا أطفالي نتيجة لعمل والدتهم، يذهبون للحضانة حيث هناك متخصصات للأطفال يقومون بتعليمهم، ويلعبون مع باقي الأطفال، بينما عندما كنت صغير كانت مربية جاهلة معي بأستمرار، وكانت تحكي لي تلك الخرافات وغيرة... لكن أطفالي يشرف عليهم متخصصون، ويقدمون تقرير، وأذا لاحظوا شيئ تأخر، يقومون بالتوجية، وغيرة...
أيضا ليس لدينا شغالة، فأنا مثلا أساعد شريكتي في المنزل، و أقوم بكواء ملابسي، وأشارك في تربية الأطفال، وأشارك في نشاتهم...
أيضا عمل شريكتي أعطي أطفالي القدوة....
أنا في الحقيقة أري ربة البيت مفهوم متخلف، ويؤدي الي تخلف المرأة، وتخلف ألأطفال...
تحياتي...

الرد:

أنت و زوجتك الآن "ربتا منزل" !! .. فكيف صار مفهوما متخلفا ً ؟؟

هل تعتقد انني اطالب الا يساعد الرجل زوجته في المنزل ويترك العمل لها حتى تسمى ربة منزل ؟ الحياة شراكة وتعاون في كل شيء ، سواء في عمل المراة فتكون هي القائدة ، أو عمل مناط بالزوج فيكون هو القائد ..

السؤال لك : ايهما الاصل : ان تعمل المراة في الخارج أو تعمل في المنزل وبشكل عام ؟ ام انك تطالب بالغاء المنزل و توزيع الاطفال على المؤسسات و كلٌ يتناول وجبته السريعة من اي مكان؟ هذا هو موضوعي : ان الاصل هو المنزل ، و ان المنزل عمل ، واذا احتاجت المراة ان تعمل خارج المنزل ، فمن يمنعها ؟؟ حتى هذه الحقيقة البسيطة لم يعترف بها اي من الليبراليين و دعاة المساواة ومورّدي الثقافة!

يا اخي على الاقل رحمة بالاطفال ، حتى لا يكونوا ضحية للايديولوجية .. هل يستطيع الاطفال ان يعبروا عن مثل هذا المعنى ؟ لا يستطيعون أن يعبروا عن معنى : نريد دفء المنزل ، نريد اهلنا حولنا وان يربونا هم وليس غيرهم ..
من يسمع صوت الاطفال في وسط معمعة الرأسمالية الغربية ؟؟

كل ما يهمهكم هو ان يتفتت المنزل باي شكل ، اي ضرر يجري على المنزل فالضحية هم الاطفال ، و يحفر ذلك في نفوسهم دون ان يستطيعوا التعبير عنه.  اين هذا الوضع المشتت الذي تنادون به من وضع الاطفال الذين يعيشون في ألفة و في كنف والديهم ؟ الطفولة مرحلة حساسة, والصغير محتاج جدا إلى الكبير الذي يثق به وليس هناك أكثر من الوالدين يستحق ثقة الطفل. الصورة الغربية التي تطالبون بها ليست صورة مثالية حتى تتمنوها لأطفالكم, الأطفال يعودون آخر النهار ليأكلوا ويناموا ويذهبوا إلى المدرسة ..

فالمدرسة أكثر حضور في حياتهم من المنزل, ويعرفون مربياتهم ومدرساتهم أكثر من أمهاتهم فضلا عن آبائهم, والزوج يعمل والزوجة تعمل ويتناول أفراد العائلة أكثر الوجبات خارج المنزل كل على حدة, تلك الوجبات السريعة التي ينتقدها الأطباء صحيا, وهي إن كانت سريعة في التجهيز فهي بطيئة في التخزين, ومليئة بالمواد الحافظة والكيماويات, وكأن المنزل فندقا للمبيت, لا شك أن هذا الوضع غير مثالي, فأين ستكون المثالية فيه؟!

أم لأن الغرب يفعلون كذلك أصبح مثاليا-وهذا يكفي عند أكثر المستسلمين فكريا-؟ هذه الصورة الغربية تشبه حالة اليتم للأطفال الذين يتربون في الملاجئ برعاية غير ذويهم والدولة مسؤولة عن رعايتهم, واليتم ليس مثاليا مهما كانت الرعاية. والعقلاء في الغرب يشتكون من مشاكل تفكك المنزل. ومهما كانت تلك الجهات التي نرمي اطفالها عندها ، فلن يكونوا مثل والديهم ، بل ان بعضهم يقسو على الاطفال ، ولا يستطيع الطفل حتى التعبير .. كل هذا في حمّى المال وجمع المال ..

انظر المقاطع في اليوتيوب عن تولي الاجانب للاطفال ، إما على شكل خادمات او مربيات او مدارس .. اكبر صدمة للطفل هي اول دخوله للمدرسة ، حتى انت تتذكر اول يوم .. حيث ترى الاطفال يبكون ، لماذا ؟ لأنهم فصلوا عن والديهم وعن جو المنزل وألفته .. وكأنهم القوا في بحر لا ساحل له .. لو كان الوضع هو الوضع الطبيعي والأفضل لما بكوا.

وهنا لا تقل بأني اطالب بالغاء المدارس !! مثلما جعلتني اطالب بالغاء عمل المراة .. !!
انا امثـّل على بعض الاثار النفسية لدى الصغار ، كلما حرموا من جو الاسرة .. تستطيع ان ترى هذا المنظر المأساوي في كل عام مع بداية الدراسة في الصف الاول الابتدائي . 
نشر الوعي باهمية المنزل واقامة الحوارات والندوات حول هذا الموضوع سوف تخلق وعيا تنعكس فوائده على المجتمع .
الذي جعل العرب لا يميلون الى التفكير ولا يبدعون في هذا العصر هو محنة النموذج الغربي الجاهز ، والذي يحتاج فقط التقليد .. التقليد لا يخلق التفكير ولا الابداع ، و صار الصراع هو على هذا التقليد و ما معوقات التقليد الغربي .. و كيف نقلد باسرع وقت ! الشخص إما أن يكون مقلدا أو مفكرا, والأمة كذلك إما مقلدة أو مفكرة, لأن التقليد ينافي التفكير, والتفكير يبعِد عن التقليد.


تصور امة يـُطلب منها التقليد ولا يطلب منها التفكير ! فكيف سينشأ التفكير فيها؟ بل يحارَب التفكير بتهمة رفض النموذج الجاهز, سواء كان تراثيا أو ليبراليا مستوردا, بحيث تلتقي التقدمية مع الرجعية في كبت العقل, والأكثر اعتدالا -على حسب قولهم - يقدمون نموذجا توفيقيا -أو تلفيقيا إن شئت- ، فيأخذ من هذا الصندوق ومن ذاك الصندوق ليقدم صندوقا ثالثا للأفكار المعلبة, سواء في الأدب أو في السياسة أو في الاقتصاد او في الفن أو في الدين أو في الاجتماع...إلخ, و كلنا يعرف هذه الصناديق الثلاثة التي لا رابع لها مع الأسف , و هي صناديق العقل العربي المعلب المعاصر, بضاعة تختلف مصادرها بين المحلي الخالص والمستورد الخالص و المركب من الاثنين..

و المدارس الأدبية في الأدب العربي و في العصر الحديث تقدم صورة واضحة لهذه الصناديق الثلاثة - لأن الأدب صورة لواقع أي أمة -  فمدرسة الإحياء و مدرسة التغريب و مدرسة توفيقية, وهكذا في كل مجال, وما سوى هذه الصور الثلاث يعتبر تجديفا وليس تفكيرا, وتتآزر القوى الثلاث على وأده ! كلٌ يقدم نموذجا جاهزا, على اعتبار ان ذلك النموذج كامل وغير قابل للنقاش ولا مراء في جودته.  
التقليد التقليد ، و سرعة التقليد .. و كل من اراد ان يناقش او يفكر فهو داعية للتخلف ، فالتفكير تخلف والتقليد ليس بتخلف!!

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق